والقحط ... الخ ، لن تعرف قيمة كل هذه النعم وستُنسى أهمّيتها بالتدريج ، ولن يكون هناك أي شعور باللذة.
والجواب عن هذا السؤال لا صعوبة فيه ، لأنّ أهل الجنّة مشرفون على أهل النّار وبإمكانهم الاطلاع على أوضاعهم ومقارنتها بما هم عليه ، وحين يرون هذا الفارق الشاسع يلتذّون بالنعم اللامتناهية التي يعيشون فيها.
تطرّق القرآن الكريم مرّات عديدة إلى اطلالة أهل الجنّة على أهل النّار ، فجاء قوله تعالى : (وَنَادَى اصْحَابُ النَّارِ اصْحَابَ الجَنَّةِ ان أَفِيضُوا عَلَينَا مِنَ المَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُوا انَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ). (الأعراف / ٥٠)
وفي سورة الصافات تحدّثت عدّة آيات منها عن هذا المشهد قائلة : (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالَ قَائِلٌ مِّنهُم انِّى كَانَ لِى قَرِينٌ) (فَاطَّلَعَ فَرآهُ فِى سَوَاءِ الجَحِيمِ* قَالَ تَاللهِ ان كِدتَّ لَتُرْدِينِ* وَلَولَا نِعمَةُ رَبّى لَكُنتُ مِنَ الُمحْضَرِينَ). (الصافات / ٥٠ ـ ٥١ ، ٥٥ ـ ٥٧).
كما نقرأ أيضاً في سورة الأعراف : (وَنَادَى اصْحَابُ الْجَنَّةِ اصحَابَ النَّارِ ان قَد وَجَدْنَا مَاوَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُم حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَينَهُم ان لَّعنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ). (الأعراف / ٤٤)
يُفهم من مجموع هذه الآيات أنّه لا أهل الجنّة يجهلون أوضاع أهل النّار ، ولا أهل النّار محجوبون عن أحوال أهل الجنّة ، فاطلاع أهل الجنّة يضاعف ما هُم فيه من السرور والنعمة لنجاتهم من ذلك العذاب الأليم ، ويسعدون لما يرفلون فيه من النعمة والرفاه ، وعلى العكس منهم أهل النّار إذ يتضاعف عذابهم عند إجراء مثل هذه المقارنة.
وورد عن الإمام الصادق عليهالسلام حديث يقول : «ما خلق الله خلقاً إلّاجعل له في الجنّة منزلاً وفي النّار منزلاً ، فاذا سكن أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار نادى مناد ، ياأهل الجنّة اشرفوا ، فيشرفون على النّار وترفع لهم منازلهم في النّار ثم يقال لهم : هذه منازلكم التي لو عصيتم ربّكم دخلتموها ؛ قال : فلو أنّ أحداً مات فرحاً لمات أهل الجنّة في ذلك اليوم فرحاً