وقد ورد نظير هذا المعنى في الآية : (يَومَ تَرجُفُ الرَّاجِفَةُ* تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ). (النازعات / ٦ ـ ٧)
ويرى الكثير من المفسرين أنّ الآية الاولى هي إشارة إلى نفخة الصور الاولى (وهي الصيحة العظمى التي تنهي العالم) أمّا الآية الثانية فهي إشارة إلى النفخة الثانية (صيحة الاحياء) وهي الصيحة التي تبدأ بها القيامة ، وهذا المعنى على خلاف ظاهر الآية وذلك لأنّ الراجفة مشتقة من رجف وهي على ما ذكره صاحب مقاييس اللغة ، تعني الاضطراب.
وقد ذكر الراغب في مفرداته (الرجفة) بمعنى الاضطراب الشديد ، ويقال للبحر الهائج (بحر رجاف) ، و (أراجيف) هي الأخبار التي تزلزل الأفكار العامة للمجتمع ، صحيح أنّ الصيحات العظيمة تقرن عادة مع الزلازل ولكن لا توجد هناك ضرورة لترك المعنى الحقيقي للزلزلة الاولى والثانية واختيار الكناية أو المعنى اللازم.
٣ ـ إِنّ تبدل سطح الكرة الأرضية من احدى علامات شروع القيامة فتصبح الأرض مسطحة ملساء تماماً ويبرز جميع الناس بوضوح على سطح الكرة الأرضية : (يَومَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأرضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُم فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ احَداً). (الكهف / ٤٧)
إنّ حركة الجبال هي مقدّمة لتدمير الأرض ، وعلى أثر هذا التدمير الذي ذكرته الآية التي نحن بصددها والآيات الاخرى أيضاً تصبح الأرض قاعاً صفصفاً : أي مسطحة ومستوية لا يعلوها شيء ويظهر جميع الناس عليها بشكل واضح.
ولو تأملنا في هذه الآيات : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّى نَسفاً* فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفصَفاً* لّا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً* يَومَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِىَ لَاعِوَجَ لَهُ). (طه / ١٠٥ ـ ١٠٨)
لاتّضح لنا أنّ هذه الآيات تعرض لنا مشاهد من حوادث نهاية العالم ومشاهد اخرى من حوادث قيام الساعة.
هذه خلاصة للبحوث المتعلقة بـ (أشراط الساعة) وإِمارات القيامة ولقد عرضناها في ثلاثة فصول وذلك بالاستفادة من الآيات القرآنية وكذلك عرضنا مشاهد من التغيرات العظيمة التي تقع في نهاية العالم وبداية القيامة.