منسجم وذلك لأنّ أحدهما كبير جدّاً والآخر صغير نسبياً.
ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ كل واحد من هذين التشبيهين يركز على جوانب خاصة ، فالتشبيه الأول للدلالة على عظمة ذلك الشرر ، والتشبيه الثاني يرمز إلى الكثرة والسرعة والتطاير في كل صوب كافتراق الجمال المسرعة في الصحراء أو هو إشارة إلى اختلاف ذلك الشرر ، فشررها الكبير بحجم قصور الظالمين ، وشررها الصغير بحجم جمالهم الصفر.
«الجمالة» : جمع «جَمَل» أي البعير مثل حَجَر وحِجارة ، و «صُفْر» جمع أصفر وهو اللون المعروف ، وتُطلق أحياناً على الألوان الغامقة المائلة إلى السواد أيضاً ، لكن الأنسب هنا هو المعنى الأول.
* * *
وتلحظ في الآية الخامسة والأخيرة عبارة اخرى تصف شدّة عذاب النّار حيث تقول : (وَيَتَجَنَّبُهَا الْاشْقَى* الَّذِى يَصْلَى النَّارَ الْكُبرَى * ثُمَّ لَايَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحيَى).
فهذه صورة تعكس العذاب الأليم في جهنّم ، حيث يعيش المعذّبون فيها حالة بين الموت والحياة فلا هم يموتون وفي ذلك راحة لهم ، ولا الحال التي يحيونها يمكن أن يُطلق عليها اسم الحياة ، كما هو حال من يعيش في عذاب شديد في الدنيا فيجعله يتخبّط بين الموت والحياة.
وكلمة «النّار الكبرى» في مقابل النّار الصغرى والتي هي عذاب هذه الدنيا.
جاء في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «إنّ ناركم هذه جزء من سبعين جزءً من نار جهنّم ، وقد اطفئت سبعين مرة بالماء ثم التهبت ، ولولا ذلك ما استطاع آدمي يُطيقها» (١) ونُقل نفس هذا المعنى عن علي عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآله.
واحتمل بعض المفسرين أن تكون «النّار الكبرى» هنا إشارة إلى قسم من جهنّم عذابه
__________________
(١). تفسير الإمام العسكري عليهالسلام وفقاً لما جاء في بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ٢٨٨ ، ح ١ ، ٢.