ونلاحظ في الآية الخامسة وجه آخر من وجوه هذا العذاب الأليم ، فتقول : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) ولهذا : (وَهُم فِيهَا كَالِحُونَ).
كلمة «تلفح» : مأخوذة من المصدر «لَفْح» على وزن (فَتْح) وتعني على قول معظم أصحاب اللغة تأثير حرارة الشمس والنّار والرياح السموم على الوجه وتغييره ، وتُطلق هذه الكلمة أيضاً على ضربة السيف لشباهتها بضربة حرارة الشمس ولهيب النّار ورياح السموم.
وتُستخدم أحياناً كلمة «نفح» بدلاً من كلمة «لفح» على المراحل الأخف.
و «كالحون» : مشتقة من «الكلوح» ومعناها ـ حسب ما يراه الكثير من أهل اللغة والمفسّرين هو التعبيس والتقطيب ، بينما تبقى الشفاه مفتوحة وهذه الحالة تحصل على وجوه أصحاب جهنّم بسبب شدّة لهيب النّار وهي تمثّل في مجموعها وصفاً لتأثير ضربات لهيب النّار على وجوههم وهو أمر مؤلم جدّاً على تلك الوجوه التي كانت كثيراً ما تقطب بوجوه المستضعفين ، والشفاه التي تبقى منفصلة عن بعضها للاستهزاء بهم والانتقاص منهم بضحكات السخرية.
إنّ هذه الأعمال القبيحة المؤلمة تتحول في نهاية المطاف إلى عذاب أليم لهم.
* * *
وفي القسم السادس من هذه الآيات يطالعنا نمط جديد من الجزاء الذي يتعرض له هؤلاء ، إذ تقول الآية إنّهم يطلعون سريعاً على نتائج أعمالهم وحينها : (اذِ الْاغلَالُ فِى اعنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ) ، ثم تضيف الآية : (يُسْحَبُونَ* فِى الحَمِيمِ ثُمَّ فِى النَّارِ يُسْجَرُونَ).
«الاغلال» : جمع «غل» ، «والسلاسل» جمع «سلسلة» واختلافهما هو أنّ الغل حلقة توضع في رقبة أو أيدي وأرجل السجناء والسلسلة هي ما يوثق أو يشد به السجناء أو توضع مباشرة على اليد والرجل والرقبة.
وكلمة «يُسحبون» مأخوذة من المصدر «سَحْب» على وزن (سَهْل) ولهذا السبب يُقال