زمان واحد ، ويُطلق أحياناً على الزمن لوحده ، وحينما تدخل هذه الكلمة في باب التفعيل فذلك دلالة على الكثرة والشدّة.
ولهذا فقد جاء أحياناً تفسير كلمة «مقرنين» في هذه الآية بمعنى شد وتوثيق أيدي وأرجل أهل النّار ، وقال آخرون أيضاً : يربط أهل النّار في ذلك اليوم جماعات جماعات بسلسلة طويلة وهذا تجسيد للارتباط الفكري والعملي للمجرمين الذين كانوا يتعاونون في هذه الدنيا على الفساد والظلم والعدوان على حقوق المظلومين ويتآمرون عليهم.
ولكن لو التفتنا إلى عبارة «مكاناً ضّيقاً» لوجدنا التفسير الأول هو الأنسب ، وهذا أيضاً تجسيد لأعمالهم في هذه الدنيا حين كانوا يزجّون بالأبرياء في الزنزانات ويقيّدونهم بالسلاسل ، أو يفرضون عليهم مثل هذه القيود في الحياه الاجتماعية فيصبحون كالسجناء مسلوبي القدرة على أيّة حركة.
«الثبور» : في الأصل بمعنى الهلاك رغم أنّ صاحب «مقاييس اللغة» قد ذكر له ثلاثة معانٍ وهي : الهلاك ، والمراقبة ، واللين. ولذا يقال للأرض المتراكم ترابها فوق بعضه كالنورة «ثَبرة».
ولكن قد تكون كل تلك المعاني راجعة في الأصل إلى معنى الهلاك ، لأنّ اجتياز مثل هذه الأراضي لايخلو من الخطورة ، ، ولما كان الإنسان يشدد في حماية نفسه وممتلكاته في المواقف الحرجة لذا فقد استخدمت هذه الكلمة بمعنى المراقبة أيضاً ، وعلى أيّة حال فانَّ العربي عندما كان يواجه أمراً خطيراً كان ينادي «واثبوراه» ومعناه : واويلتاه لقد هلكت وهذا مايعكس شدّة الأذى والشعور بالألم.
ولعل التعبير : (لَّاتَدعُوا اليَومَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) ، فيه إشارة إلى العوامل المتعددة للهلاك أو شدّة أو طول مدّة هذه العوامل في جهنّم ، وعلى أيّة حال فهذا أيضاً تجسيد لأعمالهم التي كانوا يمارسونها في هذا العالم وما كانوا يرتكبونه من ذنوب وما يسبّبونه لعباد الله من المصائب والمآسي وما يفتحونه عليهم من أبواب الهلاك من كل صوب.
* * *