في الآية السادسة نلاحظ تعبيراً جديداً بخصوص الأعمال وهو كلمة (زبر) ، والزبر جمع زبور وهو بمعنى الكتاب.
قال تعالى : (وَكُلُ شَىءٍ فَعَلُوهُ في الزُّبُرِ* وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ) ومع أنّ هذه الآية أشارت إلى وضع الأقوام السابقة التي كانت لديها أعمال كأعمال الكفّار الذين عاصروا الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله لكن من البديهي أنّه تعالى عندما يصرِّح بأنّ جميع أعمالهم مثبتة ومسجلة في كتاب ، فهذا المفهوم يعني أنّ أعمال جميع الناس تكون على هذا النحو ..
«وزُبُر» : مشتق من (زُبْرَة) على وزن (سُفرة) بمعنى قطعة الحديد الكبيرة ثم اطلقت هذه الكلمة على الخطوط العريضة التي تكتب على الصفحات الكبيرة ، لذا يقول الراغب الإصفهاني في مفرداته : كل كتاب غليظ الكتابة يقال له (زَبُور) ويستفاد من هذا التعبير أنّ الزبور لا يطلق على كل كتاب بل يشترط فيه عظمة الخط وغلظته ، وأنّ اختيار هذا التعبير لكتاب الأعمال يعبر عن عمق المعنى فهو يبيّن ثبوت ووضوح هذا الكتاب.
إنّ تعبير (الصغير) و (الكبير) وتقديم الصغير على الكبير الذي لم يرد في هذا الموضع من القرآن فقط بل في مواضع متعددة ، إشارة إلى عدم وجود أي استثناء في تسجيل أي عمل وأي شخص.
أمّا (مستطر) فمأخوذة من مادة (اسطر) وتعني الكتابة ، وهذا تأكيد آخر على أنّ تسجيل الأعمال وجميع الأقوال وحتى النيات قد جمع في مفهوم الآية ، (تأمل).
* * *
وقد صرحت الآية السابعة بأنّ الكافرين يظنون أنّهم لن ينالوا جزاء أعمالهم يوم القيامة ، فهم يكذبون الآيات الإلهيّة في حين : (وكلَّ شىءٍ احْصَيْنَاهُ كِتَاباً).
و «أحصيناه» : مأخوذة من مادة (إحصاء) ومشتقةٌ في الأصل من احصى حيث كانوا في الماضي يستعملون الحصى لعد الأشياء بدلاً من أصابع اليد ، وكلمة إحصاء بمعنى العد وجاءت لحفظ الحساب.