فمن الواضح أنّ المراد بـ (حافظين) الملائكة المأمورين بحفظ وتسجيل الأعمال ، وليس المراد حفظ الإنسان من الحوادث المختلفة ، والله تبارك وتعالى وصف هؤلاء الملائكة بأربعة أوصاف ولكنها لازمة وملزومة لبعضها في نفس الوقت ، وهذه الأوصاف هي :
١ ـ حفظ ومراقبة الأعمال.
٢ ـ (الكرام) و (كرام) جمع (كريم) وهي إشارة إلى عظمتهم وعلو شأنهم وإن كانوا مأمورين بإحصاء أعمال الإنسان ، لكنهم لا يشوبون هذا العمل بالغلظة والقوة بل يقرنونه باللطف والكرامة.
وقيل إنّهم كرام لأنّهم يكتبون الأعمال الصالحة مباشرة بعشرة أمثالها ، أمّا الأعمال السيئة وكما ذكر في الرواية السالفة فانّهم يمهلون صاحبها سبع ساعات لعله يتوب.
وقيل : إنّهم كرام لأنّهم يطيرون بالأعمال الصالحة إلى السموات ويعرضونها على الملائكة ، أمّا الأعمال السيئة وبحكم كونه تعالى (ستار العيوب) فانّهم يتسترون عليها ، وكونهم كراماً يجعل الإنسان يراقب أعماله أكثر وذلك لأنّه يستحي من أن يرتكب عملاً قبيحاً في محضر شخص كريم.
٣ ـ (كاتبين) ، وهذا الوصف يعني كيفية حفظهم الأعمال بصريح قوله تعالى ، فهم يكتبون كل الأعمال ولا يعزب عنهم شيء ، ومن المعلوم أنّ الحفظ والكتابة بحاجة إلى اطلاع واسع من جميع الجوانب.
٤ ـ (يعلمون ما تفعلون) ، وهذا التعبير يشمل قول الإنسان وأعمال جوارحه وكذلك الأعمال القلبية.
وذكر كلمة (حافظين) بصورة الجمع ، إمّا أن يكون هناك ملكان في النهار وملكان آخران في الليل يراقبون أعمال الإنسان (كما جاء في بعض الروايات) (١) ، أو لكون المخاطب جميع الناس وبهذا فسيكون الملائكة الذين يراقبون الجميع جمعاً.
__________________
(١). وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ١٥٤ و ١٥٥ ، باب ٢٨ من أبواب المواقيت.