الكائنات الحية منذ ملايين السنين أن يكتشفوا ـ إضافة إلى شكل هياكلها ـ الكثير من حقائق حياتها مع أنّ المتحجر ليس حيواناً بعينه بل هو بقايا منه بقيت لحقب طويلة داخل الطبقات الأرضيّة.
الصخور الأرضيّة هي في الواقع كتاب أعمال وأشكال تلك الحيوانات مدون بخطوط غير قابلة للانكار.
نحن لا نقول إنّ كتاب الأعمال الذي يعرض يوم القيامة هو على هذه الصورة وذلك لأننا ذكرنا أكثر من مرّة أننا لا ندرك من القيامة والمسائل المتعلقة بها إلّانزراً يسيراً ، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يكون الأثر الطبيعي هو نفس الأثر ، ومن المناسب هنا أن نذكر حديثاً للإمام الصادق عليهالسلام ورد في تفسير الآية ١٤ من سورة الاسراء : «يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه ، حتى كأنّه فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا ياويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّاأحصاها» (١).
٣ ـ احتمل البعض أنّ كتاب الأعمال هو (الضمير الباطن) للإنسان فقد أثبت علم النفس اليوم أنّ أعمال الإنسان تؤثر في وجدانه أو اللاشعور ، وهذا التعبير لا يختلف عن تعبير الفيض الكاشاني وسائر المفسرين الذين أشرنا إليهم سابقاً ، وفي الواقع أنّ هذا التعبير هو تعبير جديد مشتق من المعنى القديم ، والتفسير الثالث هو الأنسب من بين التفاسير الأربعة.
على أيّة حال يجب أن نقول بما أنّ مسألة كتاب الأعمال وردت في القرآن الكريم وأكدتها الروايات المختلفة لذا يجب أن نؤمن بها حتى وإن لم ندرك مفهومها ومحتواها بشكل تفصيلي ، مثلها كمثل سائر المسائل المتعلقة بيوم القيامة ، أو أنّ كتاب الأعمال هو مجموعة الآثار التي خطتها أعمالنا خارج وجودنا وتجمع يوم القيامة وتوضع بين أيدينا حسب الأمر الإلهي ، وبتعبير آخر هي مجموعة الآثار التكوينية التي يمكن تشبيهها من بعض الوجوه بالأفلام أو أشرطة التسجيل أو ما شاكلها.
ونحن لا نجزم بأنّ الأمر هكذا بل نقول أنّ هناك أوجه للشبه بينها.
__________________
(١). تفسير نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢٦٧ ، ح ١١٥.