وكذلك جملة : «هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتابِيَه» ، وجملة : «يا لَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتابِيَه» وفي سورة الحاقة الآيات ١٩ ، ٢٥ إشارات اخرى إلى هذا المعنى.
الثاني : كتاب أعمال الامم ، أي الكتاب الذي تجمع فيه أعمال الامة كما ورد قوله تعالى : (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا). (الجاثية / ٢٨)
وقد ورد تعبير كتاب بصيغة المفرد وليس بصيغة الجمع وهذا يدل على أنّ المراد (الامة الواحدة).
الثالث : الكتاب الذي تثبت فيه أعمال جميع الأمم وكافة الناس من الأولين والآخرين ، فهو بمثابة السجل المركزي العام الذي تسجل فيه جميع الحسابات ، ولقد أشار إليه تعالى : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الُمجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ). (الكهف / ٤٩)
وجاء هذا التعبير بصورة أوضح في قوله تعالى بعد ذكر الأموات وبيان كتابة الأعمال وآثارها من قبل الله تبارك وتعالى : (وَكُلَّ شَىءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ). (يس / ١٢)
فورد الكتاب في هذه الآية بصيغة نكرة (التي تفيد الأفراد) وهذا يدل على أحصاء جميع أعمال الخلائق بل إنّ كل الأشياء جمعت في كتاب واحد.
وقد أشار المرحوم العلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان إلى هذه الكتب الثلاثة (١) : ولو أنّ هناك اختلاف بين الآيات التي استشهد بها وبعض هذه الأقسام التي ذكرناها.
ويمكن أن نستفيد من الآيتين ٧ ، ٨ من سورة المطففين أنّ (الأبرار) أو (الفجار) كل منهم له كتاب خاص وهذا يعدّ النوع الرابع من كتب الأعمال.
على أيّة حال فلا توجد أيّة منافاة بين هذه الكتب ، ولا مانع من تسجيل عمل ما في عدّة كتب وسجلات مختلفة لغرض التأكيد والدقّة ، وهذا ما نلاحظه في حياتنا اليومية.
إنّ هذه الكتب وعلى اختلاف أنواعها كلّها تؤكد على حقيقة واحدة مفادها أن يكون الإنسان واعياً يقظاً وليعلم بأنّ أعماله لم تسجل في مكان واحد بل إنّها مثبتة في عدّة أماكن وسجلات ، ومن غير الممكن أن يصدر من الإنسان عملٌ ما ولا يحاسب عليه يوم القيامة ، ويجب أن نعلم بأنّ الله تعالى هو الرقيب على الإنسان من وراء كل هذه الكتب والشهود.
__________________
(١). تفسير الميزان ، ج ٣ ، ص ٣٤٨.