اضطرنا إلى أن نعيد النظر في هذا الكتاب وندوِّنه في مجلَّدين.
واتفق أن البحوث المتناولة في المجلد الأول مغايرة تماماً لبحوث المجلد الثاني ، ففى المجلد السابق كان الحديث يدور حول المسائل المرتبطة بالمعاد ، أمّا هذا المجلد فيتناول جزئيات وخصوصيات المعاد وفق المنظور القرآني ، وبتعبير آخر لو أننا شبَّهنا مسألة المعاد ببناء عظيم شامخ لكان المجلد الأول يمثل أساس هذا البناء ، وأمّا المجلد (الثاني) فيتناول جزئيات وتفاصيل البناء وما يتعلق به.
ولهذا كان من المناسب أنْ نسمّي هذا الكتاب باسم (منازل الآخرة) أو منازل القيامة. ولابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ البحث حول المعاد عموماً ، وما يرتبط بجزئياته خصوصاً ، يثير الكثير من الأسئلة ، لهذا فقد سعينا واستطعنا أن نجيب عن جميع الأسئلة من القرآن نفسه أو من الأحاديث الشريفة أو الأدِلَّة المنطقية الفعلية.
كذلك بذلنا جهدنا لتقريب هذه المفاهيم المهمّة والمعقّدة إلى الأذهان بضرب الأمثلة الحية ، ولقد استفدنا في هذا المجال من التجارب التي حصلنا عليها من خلال البحوث العقائدية والتفسيرية ، آملين التوفيق في هذا الطريق ، والرأيُ لكم.
ولا شكّ في أنَّ هذا العمل سيمهِّد الأرضية لبذل جهود أكبر في المستقبل ، وهو عامل مساعد في استمرارية هذه الجهود في هذا المجال ، ولا يمكن أنْ يدّعي أحد بأنّه قال في هذا المجال كل شيء ، ولم يبق ما يقال.
نسأله تعالى أنْ يعصمنا من الزلل سواء كان في العلم أو في العمل ، في القلم أو في الكلام ، كما نطلب منه تعالى أنْ يسلِّمنا ويدخلنا في المنازل الرفيعة منازل الرحمة ، رحمته (جنات عدن) ، (جنّة الخلد) ولا يمكن لأحد أنْ يدخلها بسلام إلّاأنْ تشمله ألطاف وعناية الباري عزوجل.
|
قم المقدّسة ـ ناصر مكارم الشيرازي |