وقوله تعالى : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ). (يونس / ٥٢)
وهناك تعابير اخرى من هذا القبيل بشيء من الاختلاف ، وبناءً على ما جاء في ظاهر هذه الآيات فإنّ جزاء الإنسان نفس عمله ، فأعماله ترجع إليه فتكون سبباً إمّا في شقائه ومعاناته وإمّا في سعادته وسروره ، وهذا دليل واضح على مسألة تجسّم الأعمال وعودتها إلى صاحبها وهذا من العدل الإلهي.
وقد اعتبر بعض المفسّرين أنّ (الباء) هي باء السببية فيصبح المعنى : (بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي إنّما تجزون بسبب الأعمال التي اقترفتموها (١).
في حين أنّ هذا التعبير على خلاف ظاهر الآية وهو غير جائز من غير دليل ولا علة للتقدير في الآيات السالفة الذكر ، فما المانع من أن تحضر هناك نفس أعمال الإنسان لتشكل القسم الأعظم من جزائه.
يقول المرحوم العلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان في ذيل الآية ٧ من سورة التحريم : «أي إنّ العذاب الذي تعذبون به هو عملكم السيء الذي عملتموه وقد برزت لكم اليوم حقيقته» (٢).
* * *
يتضح من مجموع الآيات التي تعرضنا إلى تفسيرها أننا إذا لم نتلاعب بظواهرها ولم نؤولها أو نحملها على معنى آخر ولن نقدر لها أي تقدير كجملة أو كلمة ، وبتعبير أوضح إن فسّرنا ظواهر الآيات كما هي عليه اتّضح لنا أنّ أعمالنا تتجسد في يوم القيامة وفي محكمة العدل الإلهي أو المواقف الاخرى من ذلك اليوم ، فتتجسّم وتبرز أمامنا بأشكال تناسب تلك الأعمال فتظهر السيئة على صورة موجودات قبيحة مخيفة ومزعجة ، أمّا الصالحة فتتجسد على صورة موجودات لطيفة مؤنسة وتكون قرين الإنسان.
__________________
(١). قدر البعض كلمة (على) فيصبح المعنى (على ماكنتم تعملون).
(٢). تفسير الميزان ، ج ١٩ ، ص ٣٨٨.