ومن المسلَّم به أنّ كل عمل سيكون جسماً بما يتناسب مع خواصه وصفاته ، فالطاقات التي تبذل في سبيل الإصلاح وخدمة الناس والتقوى تظهر على شكل صورة جميلة تتناسب مع ذلك العمل.
أمّا الطاقات التي تستعمل في مجال الظلم والجور والقبح والفساد فتتجسم على شكل صورة قبيحة مخيفة.
وعلى هذا الأساس تعتبر حالة تجسّم الأعمال احدى المعاجز العلمية للقرآن ، وكما اتّضح أنّ بقاء الطاقة وتحول المادة إليها وبالعكس لم تكن مطروحة آنذاك ، لكن الآيات والروايات تحدثت عن هذا الأمر بشكل واضح ، وبناءً على ذلك لم تكن هناك مشكلة لا من حيث كون الأعمال من جنس «العرض» ولا من حيث كونها ـ كما أشرنا ـ لا تفنى وأنّ العرض والجوهر وجهان لحقيقة واحدة ويتضح هذا المعنى أكثر بالالتفات إلى حركة الجوهر حيث إنّ القائلين بحركة الجوهر يستدلون بالحركات التي تقع في العرض ويرون أنّ العرض والجوهر لاينفكان عن بعضهما البعض.
ومن المناسب أن نشير إلى هذه النكتة في نهاية الموضوع.
إنّ العالم الفرنسي (لافوازيه) استطاع بعد جهود حثيثة أن يكتشف أصل بقاء المادة وأثبت أنّ مواد العالم لا تفنى أبداً بل تتحول من شكل إلى آخر.
ولم يمر طويلاً إلّاواكتشف (پيركوري وزوجته) ولأول مرّة العلاقة بين الطاقة والمادة من خلال تجاربه على المواد النشطة اشعاعياً (وهي أجسام تتكون من ذرات غير ثابتة وتتحول بعض أجزائها تدريجياً إلى طاقة) وبهذا الاكتشاف تبدل قانون بقاء المادة إلى قانون بقاء (المادة ـ الطاقة).
وبهذا تزلزل أصل بقاء المادة وحلّ محله أصل بقاء مجموعة (المادة ـ الطاقة) ، وأخذت عملية تحول المادة إلى طاقة عن طريق انشطار الذرة بعداً علمياً واسع النطاق.
ومن خلال هذا تبيّن أنّ هناك علاقة قريبة بين انشطار المادة والطاقة ، ويمكن أن تتحول إحداهما إلى الاخرى ، وبعبارة اخرى أنّ المادة والطاقة شكلان لحقيقة واحدة.