ولكن إذا أخذنا النكتتين أدناه بنظر الاعتبار فسوف تتضح الإجابة عن الشبهتين السالفتين وكذلك تتضح مسألة تجسم الأعمال :
النكتة الاولى : لقد ثبت اليوم أنّ المادة لا تفنى ، وحتى الأعمال فانّها تتحول إلى صور مختلفة.
فإن تحدّثنا فستنتقل أصواتنا على شكل أمواج صوتية إلى الفضاء المحيط بنا وتصطدم بالأجسام التي تعترضها من جدران وأبنية وأجسام اخرى وتتحول إلى طاقة اخرى ، ومن الممكن أن يتغير شكل هذه الطاقة مرّات عديدة ولكنها لن تفنى ، وما حركات أيدينا وأرجلنا إلّانوعٌ من الطاقة وهذه الطاقة (الميكانيكية) لا تفنى أبداً وإنّما تتحول إلى طاقة حرارية أو طاقة اخرى.
والخلاصة : ليست المادة لا تفنى فقط بل وحتى طاقتها ثابتة ولا تفنى أيضاً بل تتحول من شكل إلى آخر.
النكتة الثانية : وقد تمّ إثباتها بشكل قاطع من خلال بحوث العلماء وتجاربهم وهي : إنّ هناك علاقة قريبة بين المادة والطاقة ، أي أنّ المادة والطاقة مظهران لحقيقة واحدة ، فالمادة عبارة عن طاقة مخزونة أمّا الطاقة فهي مادة غير مخزونة (حرة) ، لذا يمكن أن تتحول أحداهما إلى الاخرى تحت شروط معينة ، فالطاقة الذرية هي تحول المادة إلى طاقة ، وبتعبير آخر أنّ الطاقة الذرية : هي انشطار نواة الذرة وتحرير طاقتها الكامنة ، ولقد أثبت العلماء أنّ الطاقة الحرارية للشمس تحصل نتيجة الانفجارات الذرية فيها ، ولهذا السبب تفقد مقداراً كبيراً من وزنها كل أربع وعشرين ساعة ولو أنّ هذا النقصان ضئيل قياساً بوزن وحجم الشمس.
بلا شكّ وكما أنّ المادة قابلة للتحول إلى طاقة كذلك الطاقة فانّها قابلة للتحول إلى مادة ، أي إذا تراكمت الطاقة المنتشرة فانّها تأخذ حالة الجسم المادي.
وعلى هذا الأساس لايوجد أي مانع من عدم فناء ومحو أعمالنا وأقوالنا التي هي طاقات مختلفة وارجاعها مرّة اخرى بأمر الله على صورة جسم.