بل لأن الضرر والحرج إذا لم يصلا الى حد الحرمة إنما يرفعان الوجوب والإلزام لا أصل الطلب [١] ، فاذا تحملهما وأتى بالمأمور به كفى.
______________________________________________________
الثلاثة الأخيرة وبين غيرها. كما أنه لا خلاف في ذلك بينه وبين غيره من الأصحاب. وقد تقدم في كلامه : التصريح بالفرق بين الشرائط الثلاثة وغيرها. كما أن ما تقدم في كلامه ، من قوله : « وعندي .. ». وقوله : « وظاهر الفتاوى .. » كالصريح في تحقق الخلاف بينه وبين غيره في الفتاوي. فلاحظ.
[١] قد أشرنا في بعض المواضع من هذا الشرح إلى أن الاختلاف بين فردي الطلب الوجوبي والاستحبابي ليس من قبيل الاختلاف بين فردي الكلي التشكيكي ، بأن يكون الطلب الوجوبي أكيداً والطلب الاستحبابي ضعيفاً ، ولا من قبيل الاختلاف بين فردي الطلب المتواطئ ، بأن يكون الطلب الوجوبي فرداً خاصاً والطلب الاستحبابي فرداً آخر ، نظير زيد وعمرو. بل الاختلاف بينهما ليس إلا في الترخيص في مخالفته في الطلب الاستحبابي وعدمه في الطلب الوجوبي. ولما كانت أدلة نفي الحرج والضرر ظاهرة في نفي المنشأ ـ وهو اللزوم ـ وكان اللزوم منزعاً من عدم الترخيص ، كانت أدلة نفي الحرج والضرر راجعة إلى الترخيص في مخالفة الطلب. فالطلب قبل أدلة نفي الحرج لا ترخيص في مخالفته ، وبعد أدلة نفي الحرج مرخص في مخالفته. فالطلب في الحالين لا تبدل فيه ، لا في ذاته ولا في صفته ، وإنما التبدل في انضمام الترخيص اليه بعد أن كان خالياً عنه ، فاذا كان باقياً بحاله كان كافياً في مشروعية المطلوب وجواز التعبد به. ولو سلم أن الاختلاف بين فردي الطلب من قبيل الاختلاف بين فردي الماهية التشكيكية ، فيكون الطلب الوجوبي شديداً والطلب الاستحبابي ضعيفاً ، فغاية ما يقتضي دليل نفي الحرج رفع الشدة