كل ذلك لصدق الاستطاعة ، وإطلاق المستفيضة من الأخبار [١]. ولو كان له بعض النفقة فبذل له البقية وجب أيضاً [٢]. ولو
______________________________________________________
واستقر الوجوب عليه ، كما لو اعتقد أنه فقير لا مال له وتبين بعد ذلك أنه غني مستطيع ، كما تقدم في المسألة الخامسة والعشرين.
نعم إذا كان خوف على النفس كان السفر حراماً ، فلا يكون مستطيعاً واقعاً لحرمة السفر. أما إذا كان الخوف على غير النفس ، فلأجل أنه لا يحرم السفر لا يخرج به عن كونه مستطيعاً واقعاً ، إذا لم يكن مانع واقعاً من بقاء الاستطاعة. بل الظاهر أنه لا فرق بين المستطيع ابتداء ومن استقر عليه الحج ، فإنه في السنين اللاحقة وإن كان يجب عليه الحج متسكعاً ، لكن لا يجوز له السفر مع خوفه على النفس ، ولا يجب عليه مع وثوقه بوجود الموانع عن الوصول. والوجه الذي ذكر ـ في المدارك وغيرها ـ لاعتبار الوثوق إن تمَّ اقتضى اعتبار الوثوق ببقاء الباذل وقدرته على البذل ، ولا يختص باعتبار الوثوق ببقاء البذل ، كما يقتضي أيضاً اعتبار الوثوق في الاستطاعة المالية.
فإذاً التحقيق ما ذكرنا ، وأنه لا يعتبر الوثوق ببقاء البذل ، بل يكفي ـ في ثبوت الوجوب ظاهراً ـ قيام الطرق العقلائية في البقاء ، من دون فرق بين الاستطاعة المالية والبذلية.
[١] قد عرفت : أن الاستدلال المذكور إنما يصح لو كان القائل باعتبار الوثوق قائلاً باعتباره في موضوع الحكم الواقعي ، أما لو كان قائلاً باعتباره في إثبات الوجوب ظاهراً فلا مجال له.
[٢] كذا ذكر جماعة ، مرسلين له إرسال المسلمات ، منهم : العلامة في القواعد ، والمحقق والشهيد الثانيان في جامع المقاصد والمسالك ، والسيد في المدارك ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ، وغيرهم ، من دون تعرض لخلاف أو إشكال.