عدم الوثوق بالتمكن من أداء الدين بعد ذلك ، حيث لا يجب المبادرة إلى الأداء فيهما ، فيبقى وجوب الحج بلا مزاحم. ففيه : أنه لا وجه للتخيير في الصورتين الأوليين ، ولا لتعيين تقديم الحج في الأخيرتين ، بعد كون الوجوب ـ تخييراً أو تعييناً ـ مشروطاً بالاستطاعة ، الغير الصادقة في المقام. خصوصاً مع المطالبة وعدم الرضا بالتأخير [١]. مع أن التخيير فرع كون الواجبين مطلقين وفي عرض واحد ، والمفروض أن وجوب أداء الدين مطلق ، بخلاف وجوب الحج فإنه مشروط بالاستطاعة الشرعية. نعم لو استقر عليه وجوب الحج سابقاً فالظاهر التخيير ، لأنهما حينئذ في عرض واحد. وإن كان يحتمل تقديم الدين إذا كان حالاً مع المطالبة أو مع عدم الرضا بالتأخير ، لأهمية حق الناس من حق الله. لكنه ممنوع ، ولذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت يوزع المال عليهما ولا يقدم دين الناس [٢]. ويحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب.
______________________________________________________
[١] حاصل الاشكال : أن التزاحم إنما يكون بين الواجبين المطلقين وفي المقام وجوب الحج مشروط بالاستطاعة ، وهي منتفية مع وجوب وفاء الدين فيكون الوجوب المذكور وارداً على وجوب الحج ، لا مزاحماً له.
[٢] يعني : أن توزيع التركة على الحج والدين بعد الوفاة يدل على عدم الأهمية للدين ، وإلا لزم تقدم الدين على الحج. وفي بعض الحواشي الإشكال على ذلك : بأن الدين والحج لما تعلقا ـ بعد الموت ـ بأعيان التركة لم يبق لرعاية الأهمية موقع. وفيه : أنه إذا كان الدين أهم كان اللازم أن لا يتعلق الحج بالتركة مع المزاحمة بالدين ، كما لم يتعلق الميراث مع المزاحمة