وآية الحبط مختصة بمن مات على كفره [١] ، بقرينة الآية الأخرى ، وهي قوله تعالى ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ .. ) (١). وهذه الآية دليل على قبول توبة المرتد الفطري [٢]. فما ذكره بعضهم ، من عدم قبولها منه لا وجه له.
( مسألة ٧٧ ) : لو أحرم مسلماً ثمَّ ارتد ثمَّ تاب لم
______________________________________________________
خلاف ذلك.
وفيه ـ كما في الجواهر وغيرها ـ : أنه مخالف للوجدان ، ولظواهر الكتاب والسنة. وفي المدارك : « يدفعه صريحاً : قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا .. ) (٢) حيث أثبت الكفر بعد الايمان .. ». إلا أن يقال : إن الاستعمال أعم من الحقيقة. فتأمل.
[١] في الجواهر ناقش فيها أولاً : باختصاصها بالعمل حال الكفر ، فلا تشمل ما نحن فيه. وثانياً : بما ذكره في المتن. لكن المناقشة الأولى غير مطردة في أدلة الإحباط ، لظهور بعضها في حبط العمل قبل الكفر ، مثل قوله تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ .. ) (٣). وكأنه لذلك لم يتعرض لها المصنف.
[٢] في الدلالة خفاء ، إذ مفادها ليس إلا عدم حبط عمل من لم يمت وهو كافر. وذلك أعم من قبول التوبة في الآخرة ، لجواز أن يكون عدم الحبط موجباً لتخفيف العذاب ، ولا تدل على ثبوت الثواب ـ فتأمل ـ فضلاً عن قبولها في الدنيا ، من حيث الطهارة والنجاسة ،
__________________
(١) البقرة : ٢١٧.
(٢) النساء : ١٣٦.
(٣) الزمر : ٦٥.