______________________________________________________
للوصية ، ولا الوصية مع المزاحمة للدين ، ولا الدين مع المزاحمة لتجهيز الميت فتعلق الحج والدين معاً مع المزاحمة يدل على عدم أهمية الدين من الحج. وقد تقدم في مبحث قضاء الصلوات : الاحتجاج على أهمية حق الله تعالى بما ورد ، من أن حق الله أحق أن يقضى ، وتقدم الاشكال فيه هناك (١) فما اشتهر من أهمية حق الناس من حق الله تعالى دليله غير ظاهر.
وكأنه لما ورد : « من أن الذنوب ثلاثة : ذنب يغفر ، وذنب لا يغفر وذنب لا يترك. فالذي يغفر ظلم الإنسان نفسه ، والذي لا يغفر ظلم الإنسان ربه ، والذي لا يترك ظلم الإنسان غيره » (٢). وفيه أن الدلالة على ذلك غير ظاهرة ، إذ لا تعرض فيه للأهمية ، وإنما تعرضه للغفران ، وأن ظلم الإنسان نفسه يغفر وإن كان له من الأهمية ماله ، وظلم الإنسان غيره لا يغفر إلا بمراجعة صاحب الحق وإن لم يكن له شيء من الأهمية ما دام أنه حق للغير. فالحديث الشريف متعرض لغير ما نحن فيه.
وبالجملة : فهذا الحكم المشهور غير ظاهر ، وإن كان تساعده مرتكزات المتشرعة. لكن في بلوغ ذلك حد الحجية تأمل. نعم إذا كان الواجب الشرعي له بدل عند العجز ، فدليل حق الناس يقتضي الانتقال الى البدل لأنه ينقح العجز الذي هو موضوع البدلية. أما في غير ذلك فغير ظاهر ، وإن كان الظاهر التسالم على عدم وجوب الحج أو الصلاة أو الصوم إذا توقف أداؤها على التصرف في مال الغير. لكن لم يثبت أن ذلك لأهمية حق الناس على حق الله تعالى ، فان الظاهر التسالم أيضاً على عدم وجوب أداء الزكاة أو الخمس أو الكفارات إذا توقف على ذلك ، مع أنها من حق
__________________
(١) لاحظ المسألة : ٣ من فصل صلاة الاستيجار من الجزء : ٧ من هذا الشرح.
(٢) لم نعثر على النص المذكور في مظانه ، والمروي في الرسائل باب : ٧٨ من أبواب جهاد النفس حديث : ١ قريب من ذلك. وقريب منه ـ أيضاً ـ ما في نهج البلاغة.