______________________________________________________
وجب على الباذل. بل هو في الحقيقة خارج عما نحن فيه ، ضرورة : أن محل البحث الوجوب من حيث البذل من دون نظر الى الواقعة الخارجية التي قد تنتفي الاستطاعة معها ، كما هو واضح. ولا ريب أن المتجه ما قلناه ، عملاً بإطلاق النص ، والفتوى ، ومعاقد الإجماعات. مضافاً إلى تحقق الاستطاعة بذلك .. ».
وتحقيق ذلك : أن الكلام تارة : في الحكم الواقعي ، وهو ثبوت الوجوب واقعاً بتحقق البذل واقعاً ، وأخرى : في الحكم الظاهري ، وهو ثبوت الوجوب ظاهراً بثبوت موضوعه ظاهراً. فان كان الكلام في الأول ، فلا ينبغي التأمل في أن النصوص والفتوى متفقة على ثبوت الوجوب بمجرد البذل واقعاً ، ولا دخل للوثوق ولا للعلم فيه. وإن كان الكلام في الثاني ، فالظاهر أن اللازم العمل بما تقتضيه الطرق العقلائية ، ولا يختص ذلك بالوجوب بالبذل ، بل يجري في الوجوب بالاستطاعة المالية ، فإنه لا يتحقق الوجوب الظاهري إذا لم تقم الطرق العقلائية على بقائها. فإذا احتمل المستطيع زوال استطاعته ـ بموته ، أو موت دابته ، أو سرقة ماله ، أو وجود سيل أو عدو مانع عن عبوره ، أو نحو ذلك مما يمنع من بقاء استطاعته ـ لا يسقط الوجوب عنه ، وإن لم يكن الوثوق بخلافه ، فكذا في المقام ، وفي الجميع يسقط الوجوب مع الوثوق بحصوله. فلا فرق بين الاستطاعة المالية والبذلية من هذه الجهة ، ولا يعتبر الوثوق بالبقاء فيهما ، بل يعول على الأصول العقلائية ، مثل : أصالة السلامة ، وبقاء المال ، وعدم وجود الحائل ، وعدم طروئه ، وبقاء البذل ، ونحو ذلك ، والجميع على حد واحد.
ولو حصل الوثوق بحصول الموانع من بقاء الاستطاعة سقط الوجوب الظاهري ، لكن الوجوب الواقعي بحاله ، لحصول موضوعه. فلو حصل الوثوق بالمانع فلم يسافر وانكشف الخلاف ، انكشف ثبوت الوجوب واقعاً