فليس تكليفاً صرفاً ـ كما في الصلاة والصوم ـ بل الأمر به جهة وضعية [١]. فوجوبه على نحو الدينية ، بخلاف سائر العبادات البدنية ، فلذا يخرج من الأصل ، كما يشير اليه بعض
______________________________________________________
الثاني أو الثالث ، مثل : وجوب الفدية على من أفطر لعذر ولم يتمكن من القضاء ـ كالمريض المستمر به المرض من رمضان الى رمضان الثاني ـ أو تمكن من القضاء وأهمله ، أو كان شيخاً أو شيخة ، أو ذا عطاش أو غيرهم. فان وجوب الفداء هل هو من باب وجوب أداء ما في الذمة فيكون من القسم الثاني أو وجوب ابتدائي فيكون من القسم الثالث؟ وكذا فداء المحرم إذا ارتكب بعض المحرمات في الإحرام ، فإنه يحتمل أن يكون المال في الذمة ويجب أداؤه ، ويحتمل أن لا يكون إلا وجوب الأداء لا غير. وإن كان الظاهر من الأدلة في أمثال ذلك أنه من القسم الثاني ، فيجب إخراجها من الأصل.
وأما الكفارة المحيرة على من أفطر في شهر رمضان عمداً ، وكفارة الجمع ، فالظاهر أنهما قسم برأسه ، فلا يدخل في واحد من الأقسام المذكورة. ولا دليل على إخراجهما من الأصل.
[١] لم يتضح الوجه في ذلك إلا من جهة ما عرفت : من أن دليل التشريع كانت العبارة فيه هكذا : ( لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ .. ) (١) ، وظاهرها أن اللام للملك ، فيكون الحج مملوكاً لله سبحانه على الناس ، فيكون حينئذ من قبيل القسم الثاني. هذا بالنسبة إلى حج الإسلام أما بالنسبة إلى الحج المنذور فأظهر ، لما عرفت مراراً ، من أن صيغة النذر مفادها جعل المنذور لله سبحانه وتمليكه إياه ، فيكون من قبيل القسم الثاني. هذا ولو كان المراد من عبارة الجواهر ذلك كان المتعين التعبير بغير تلك العبارة مما هو أخصر وأوضح.
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.