وأما الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث [١] ، فاستدلوا بصحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالتين على أن من نذر الإحجاج ومات قبله يخرج من ثلثه [٢]. وإذا كان نذر الإحجاج كذلك ـ مع كونه مالياً قطعاً ـ فنذر الحج بنفسه أولى بعدم الخروج من الأصل. وفيه : أن الأصحاب لم
______________________________________________________
[١] وهم أبو علي ، والشيخ في النهاية والتهذيب والمبسوط ، وابنا سعيد في المعتبر والجامع ، على ما في كشف اللثام. وزاد في المستند حكايته عن الصدوق ، والمحقق في النافع.
[٢] قال ضريس : « سألت أبا جعفر (ع) عن رجل ـ عليه حجة الإسلام ـ نذر نذراً في شكر ليحج رجلاً إلى مكة ، فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الإسلام ، ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر. قال (ع) : إن ترك مالاً يحج عنه حجة الإسلام من جميع المال ، وأخرج من ثلثه ما يحج به رجلاً لنذره وقد وفي بالنذر. وإن لم يكن ترك مالاً إلا بقدر ما يحج به حجة الإسلام حج عنه بما ترك ، ويحج عنه وليه حجة النذر. إنما هو مثل دين عليه » (١). وقال ابن أبي يعفور : « قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل نذر لله : إن عافى الله ابنه من وجعه ليحجنه إلى بيت الله الحرام ، فعافى الله الابن ومات الأب. فقال : الحجة على الأب يؤديها عنه بعض ولده. قلت : هي واجبة على ابنه الذي نذر فيه؟ فقال : هي واجبة على الأب من ثلثه. أو يتطوع ابنه فيحج عن أبيه » (٢). قال في كشف اللثام : « فإن إحجاج الغير ليس إلا بذل المال لحجة ، فهو دين مالي محض بلا شبهة ، فاذا لم يجب إلا من الثلث فحج نفسه أولى ».
__________________
(١) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب وجوب الحج حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب وجوب الحج حديث : ٣.