ادعهم إلى الدخول في الإسلام ، فان فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم ؛ ثم ادعهم إلى التحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ، فان فعلوا فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. وان دخلوا في الإسلام واختاروا دارهم ، فأخبرهم أن يكونوا كأعراب المسلمين : يجري عليهم حكم الله ، ولا يكون لهم في الفيء ولا الغنيمة شيء إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فان فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم. فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وإن أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوك أن تستنزلهم على حكم الله ، فلا تستنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك ، فانك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟
وإن حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله وذمّة رسوله ، فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة رسوله ، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أبيك وذمّة أصحابك ، فانكم إن تخفروا ذمتكم وذمم آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمّة الله ورسوله».
وخرج النبيّ صلىاللهعليهوآله مشيعا لأهل مؤتة حتى بلغ ثنيّة الوداع (١) فوقف ووقفوا حوله فخطبهم ثانية فقال لهم :
خطبة الوداع :
«اغزوا بسم الله ، فقاتلوا عدوّ الله وعدوّكم بالشام ، وستجدون فيها رجالا معتزلين للناس في الصوامع فلا تعرضوا لهم ، وستجدون آخرين في رءوسهم للشيطان مفاحص فاقلعوها بالسيوف .. ولا تقتلن امرأة ولا صغيرا مرضعا ولا كبيرا فانيا ، ولا تغرقنّ نخلا ، ولا تقطعنّ شجرا ، ولا تهدموا بيتا».
__________________
(١) يلاحظ أن ثنية الوداع على جهة الشام لا مكة ، كما مرّ سابقا.