مباهلة أساقفة نجران (١) :
لاختلاف المواقيت والزمان ما بين السنة الشمسية والقمرية كان العرب في الجاهلية ينسئون الشهور القمرية العربية ، فكانوا بذلك يقاربون غيرهم من الامم في مدة زمان سنتهم الشمسية ، كانوا ينسئون في كل ثلاث سنين شهرا يسقطونه من السنة وينقلون اسمه الى الشهر الذي يليه ويسمّونه باسم الشهر المحذوف ، ويجعلون اليوم الثامن والتاسع والعاشر من ذلك الشهر أيام التروية وعرفة والنحر ، فيكون ذلك موجبا دائرا في كل شهور السنة ، لم يزالوا على ذلك حتى السنة التاسعة من الهجرة وهي آخر حجة حجّها المشركون ، فكان الحج في تلك السنة اليوم العاشر من ذي القعدة ، وكانت قد نزلت آيات (أربعون) من سورة براءة فبعث بها رسول الله صلىاللهعليهوآله مع علي بن أبي طالب عليهالسلام وأمره بقراءتها على الناس بمنى وفيها : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ...)(٢).
__________________
(١) الأساقفة جمع الاسقف ، وهو معرّب من اليونانية : ايسكوپ ، كما في الوثائق السياسية : ٥٨٢ ، أو هي : ايسكوپس ، ومعناها الرقيب الناظر ، كما في دائرة المعارف للبستاني ، أو هو بمعنى العالم المتخاشع في مشيته ، وهو فوق القسّيس ودون المطران ، كما في أقرب الموارد ، والقاموس ، ولسان العرب ، والنهاية.
ونجران اليوم تقع في خريطة المملكة السعودية في حدودها قرب بلاد همدان من اليمن. وفي السيرة النبوية لزيني دحلان : نجران بلدة كبيرة واسعة تشتمل على ثلاث وسبعين قرية ، وهي بين عدن وحضرموت قرب صنعاء. فيها بنو الحارث بن كعب ، وبنو عبد المدان من بني الحارث بنوا بها بيعة على بناء الكعبة وسمّوها كعبة نجران ، وكان أساقفتها معتمّين كما في نجر من تاج العروس ومعجم البلدان ٥ : ٢٦٨ ، وانظر مكاتيب الرسول ٢ : ٤٩٨ و ٤٩١ في الهامش.
(٢) التنبيه والإشراف : ١٨٦ والآية ٣٧ من السورة.