وكرامة في وادي الناقة :
وقفل رسول الله من تبوك حتى كان قبل وادي الناقة (١) ، وكان فيه حجر من جبل يرشح من أسفله ماء بقدر ما يروي الراكبين أو الثلاثة ، فقال رسول الله : من سبقنا الى ذلك الوشل (الحجر المترشح في الجبل) فلا يستقين منه شيئا حتى نأتي!
فسبق إليه أربعة ممن كان مع النبي من المنافقين : الحارث بن يزيد الطائيّ حليف بني عمرو بن عوف الأوسيّين ، وزيد بن اللصيت ، ومعتّب بن قشير ، ووديعة بن ثابت (٢) فاستقوا ما فيه ، فلما أتاه رسول الله لم ير فيه شيئا ، فسأل : من سبقنا الى هذا الماء؟ فقيل له : يا رسول الله فلان وفلان. فقال : ألم أنههم أن يستقوا منه شيئا حتى آتيه؟! ثم لعنهم ودعا عليهم! ثم نزل فوضع يده تحت رشح الماء فجعل يصبّ في يده فرشّه به ومسحه بيده ودعا (٣) فروى الواقدي عن معاذ بن جبل كان يقول : فو الذي نفسي بيده انخرق الماء وان له حسّا كحسّ الصواعق ، فشرب الناس واستقوا ما شاءوا (٤).
وروى عن سلمة بن سلامة قال : فقلت لوديعة بن ثابت : ويلك! أبعد ما ترى شيء؟! أما تعتبر؟! فقال : لقد كان يفعل مثل هذا من قبل! (٥).
وروى بسنده عن أبي قتادة قال : بينما نحن مع رسول الله صلىاللهعليهوآله نسير في الجيش ليلا ... ومعي ماء في اداوة وركوة (قربة صغيرة) فتوضأ النبي من ماء الاداوة معي وفضل منه شيء فقال لي : يا أبا قتادة احتفظ بما في الاداوة والركوة فان لهما شأنا!.
__________________
(١) وفي السيرة ٤ : ١٧١ : وادي المشقّق.
(٢) مغازي الواقدي ٣ : ١٠٣٩.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٧١ ومغازي الواقدي ٢ : ١٠٣٩ وقال : ألم أنهكم؟!
(٤) مغازي الواقدي ٢ : ١٠٣٩ وابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٧١ بلا ذكر اسم معاذ.
(٥) مغازي الواقدي ٢ : ١٠٣٩.