وعلى هذا ، فمن الجائز أن يكون الله قد أنزل معظم السورة وفيها أمر الولاية يوم عرفة (أو عشيّتها) وتلاها النبي صلىاللهعليهوآله ولكن أخّر بيان الولاية الى الغدير ، فلا يبعد أن يكون ما اشتمل عليه بعض الأخبار من نزولها يوم الغدير إنمّا لتلاوته صلىاللهعليهوآله الآية بعد تبليغ أمر الولاية لبيان شأن نزولها ، فقيل : إنها نزلت يومئذ. وعليه فلا تنافي بين الفريقين من الأخبار (١).
الموضع والنداء والمنبر :
مرّ في «الاحتجاج» عن الباقر عليهالسلام قال : لما بلغ غدير خم ـ قبل الجحفة بثلاثة أميال (٢) ـ أتاه جبرئيل ـ على خمس ساعات مضت من النهار ـ بالزجر والعصمة من الناس فقال : يا محمد ، إن الله يقرئك السلام ويقول لك : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) فأمره أن يردّ من تقدّم منهم ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليّا علما للناس ويبلّغهم ما أنزل الله في علي عليهالسلام ، وأخبره أنّ الله عزوجل قد عصمه من الناس.
__________________
(١) الميزان ٥ : ١٩٦ ، ١٩٧ بتصرّف يسير.
(٢) جاء في معجم البلدان ٢ : ٣٨٩ خم ، واد بين مكة والمدينة عند الجحفة. وعيّن الفاصل في ٤ : ١٨٨ غدير خم ، بين مكة والمدينة بينه وبين الجحفة ميلان وقال في الجحفة ٢ : ١١١ : بينها وبين غدير خم ميلان ، وهي على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل ، وبينها وبين المدينة ست مراحل. وشرح الشيخ الدكتور الفضلي ذلك فقال : أراد بالمرحلة المنزل ، وبالطريق السلطاني ، الا أنّه حذف الطارف لعدم ذكره أحيانا ، والمسافة ـ كما في خريطة وزارة المواصلات السعودية للطرق البرية في المملكة ـ من مكة الى ـ مطار رابغ البحر (١٨٠ كم) ومنه الى الجحفة (٩ كم) ـ (١٨٩ كم). مجلة الميقات ع ٦ : ٣٨٧ فالغدير في الشمال الغربي من مكة بينه وبينها (١٨٥ كم) تقريبا.