نزول آل عمران :
وروى عن الربيع بن أنس وابن اسحاق والكلبي : أن سورة آل عمران الى نيف وثمانين آية منها ، نزلت في وفد نجران (١) ، وكانوا ستين راكبا قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآله وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر رجلا ثلاثة نفر يؤول إليه أمرهم : العاقب عبد المسيح أمير القوم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلّا عن رأيه ، والسيّد الأيهم ثمالهم وصاحب رحلهم ، وأبو حارثة بن علقمة إمامهم وجدهم وصاحب مدارسهم ، وكان قد درس كتبهم وشرّف فيهم ، فكان ملوك الروم قد شرّفوه ومولوه وبنوا له الكنائس لعلمه واجتهاده.
قدموا على رسول الله المدينة في مسجده بعد صلاة العصر ، عليهم ثياب الحبرات جبب واردية في جمال رجال بني الحارث ، وحانت صلاتهم ومعهم ناقوسهم فأخرجوه يضربون به واصطفّوا ليصلوا في مسجد رسول الله ، فقالت الصحابة : يا رسول الله ، هذا في مسجدك؟! فقال رسول الله : دعوهم. فصلوا الى المشرق أي الشام وفلسطين والقدس.
ثم تكلم السيد والعاقب مع رسول الله ، فقال لهما رسول الله : أسلما ، فقالا : قد أسلمنا قبلك! فقال : كذبتما ، يمنعكما من الاسلام دعاؤكما لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير! فقالا : إن لم يكن عيسى ولد الله فمن أبوه؟ فقال لهم النبيّ : ألستم تعلمون أنّه لا يكون ولد إلّا ويشبه أباه؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أن ربّنا حيّ لا يموت ، وأنّ عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أنّ ربّنا قيّم على كل شيء ويحفظه ويرزقه؟ قالوا : بلى. قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟ قالوا : لا!
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ٢٢٥ ، وحكاه الواحدي في أسباب النزول : ٨٤ عن المفسرين.