منهم مائتا رجل ، فقالوا لهم مثل مقالتهم لأبي بكر ، فانصرف ، وانصرف الناس معه ، وكاد أن يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم!
وقدم على رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره بمثل ما أخبره به صاحبه. فقال له : يا عمر ، عصيت الله في عرشه وعصيتني ، وخالفت قولي ، وعملت برأيك! ألا قبّح الله رأيك! وإن جبرئيل قد أمرني أن أبعث علي بن أبي طالب في هؤلاء المسلمين ، وأخبرني أن الله يفتح عليه وعلى أصحابه.
فدعا عليّا عليهالسلام وأوصاه بما أوصى به أبا بكر وعمر وأصحابهم الأربعة آلاف فارس ، وأخبره أن الله سيفتح عليه وعلى أصحابه. فخرج علي عليهالسلام ومعه المهاجرون والأنصار وأعنف بهم في السير حتى خافوا أن ينقطعوا من التعب ، وتحفى دوابهم (١) وقال لهم : لا تخافوا ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد أمرني بأمر وأخبرني أنّ الله سيفتح عليّ وعليكم ، فأبشروا ، فانكم على خير وإلى خير. فطابت نفوسهم وقلوبهم ، وساروا على ذلك السير والتعب. حتى إذا كانوا قريبا منهم حيث يرونهم ويراهم أمر أصحابه أن ينزلوا.
مواجهة الإمام علي عليهالسلام القوم :
وسمع أهل وادي اليابس بقدوم علي بن أبي طالب وأصحابه ، فخرجوا إليهم فيهم مائتا رجل شاكين بالسلاح ، فلما رآهم علي عليهالسلام خرج إليهم في نفر من أصحابه. فقالوا لهم : من أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ فقال عليهالسلام : أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وأخوه ورسوله إليكم ، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن آمنتم فلكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم من خير وشر. فقال له : إياك أردنا ، وأنت طلبتنا ، قد سمعنا مقالتك وما عرضت
__________________
(١) كان إذا تقشّر حافر الدابّة قيل : حفيت الدّابّة ، كأنّها أصبحت حافية من حافرها.