مختصر خبره في سورة البقرة (١) وذلك أولى ، فإن نزول المائدة كان بعد أخبار قريظة والنضير وخيبر جميعا.
أهل الكتاب والمنافقون والمرتدّون :
وتستمر الآيات من الأربعين الى الخمسين في سياق واحد يلوح منه أنّها تذكّر بجمع من أهل الكتاب اليهود حكّموا رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعض أحكام التوراة ، وهم يرجون أن يحكم لهم بما يستريحون إليه تخفيفا مما حكمت به التوراة ، وقال بعضهم لبعض : إن أتيتم ما يوافقنا فخذوه وإن لم تؤتوه وأتيتم حكم توراتكم الشديد فاحذروه! وأنه صلىاللهعليهوآله ردّهم الى حكم توراتهم ، فتولوا عنه. وأنّه كان هناك طائفة من المنافقين يميلون لمثله يريدون أن يفتنوه فيحكم بينهم بالهوى ورعاية الأقوياء ، وهو حكم الجاهلية (٢).
ثم الآيات الأربع بعدها الى (٥٤) تنهى المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى ، وتذكّر بمسارعة مرضى القلوب منهم في اللجوء الى اليهود خوفا من الدوائر ، هذا وهم يقسمون بالله أنّهم مع المؤمنين. وهنا الآية (٥٤) تتنبّأ بارتداد بعض الذين آمنوا عن دينهم وتقول : (... فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
قال الطبرسي : واختلف في من وصف بهذه الأوصاف منهم ، وروى أنّه صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) التبيان ٣ : ٣٦٣ ، وعنه في مجمع البيان ١ : ٣٢٥.
(٢) انظر الميزان ٥ : ٣٣٨ و ٣٣٩.