الشاة المشويّة :
روى الواقدي عن إبراهيم بن جعفر قال : كان سيد خيبر وأشجعهم ابو الحكم سلّام بن مشكم. وهو كان صاحب حربهم ، ولكنّ الله شغله بالمرض .. وكان في حصون النّطاة فقيل له : انه لا قتال فيك فكن في حصن الكتيبة [أي مع النساء والصبيان] فقال : لا أفعل أبدا ، فبقى في النطاة حتى قتل وهو مريض. وهو زوج زينب بنت الحارث الذي قتل مبارزة هو واخوانه مرحب ويسار وياسر والزّبير (١) ولم تسب زينب هذه. فلمّا فتح رسول الله خيبر واطمأنّ ، شاورت زينب اليهود في السموم ، فأجمعوا لها على سمّ قاتل بعينه .. فسألت : أي عضو من الشاة أحبّ إلى محمد صلى الله عليه [وآله]؟ فقالوا : الذراع والكتف ، فعمدت إلى عنز لها فذبحتها ثم عمدت إلى ذلك السم القاتل فسمّت الشاة واكثرت في الذراعين والكتفين.
فلما غابت الشمس صلى رسول الله المغرب وانصرف إلى منزله ، فوجد زينب عند رحله فقالت له : يا رسول الله هدية أهديتها لك. فأمر رسول الله أن تقبض الهدية منها ، فقبضت ووضعت بين يديه ، وجمع من أصحابه حضور فقال لهم : ادنوا فتعشّوا. ومنهم بشر بن البراء بن معرور الأنصاري ، وتناول رسول الله الذراع ، وتناول بشر بن البراء عظما ، وأنهش رسول الله من الذراع وانتهش بشر ، وازدرد رسول الله وازدرد بشر ثم قال رسول الله : كفّوا أيديكم ، فإن هذه الذراع تخبرني أنها مسمومة!
وكان ثلاثة نفر قد وضعوا أيديهم في الطعام ولم يسيغوا منه شيئا. أمّا بشر بن
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٦٧٩ ، ٦٨٠.