«البرهان» (١) فالطبرسي قدم الجمعة بعد التحريم وأخّر الصف بعد الجمعة والتغابن ، بينما قدّم الزركشي الصف عليهما ، ولاحظت أن اغراض الآيات في الصف تناسب ما بعد التحريم اكثر مما بعد التغابن ، فقدّمتها.
فالسورة بعد البسملة وتسبيح الله ، تذكّر المؤمنين بالمعنى العام بأنهم أذعنوا للاسلام بعد شهادة التوحيد بالاقرار برسالة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فليفعلوا بما قالوا ، وتذكّرهم بانّ الذين أذعنوا برسالة موسى عليهالسلام ثم زاغوا عنه فعلا وعملا أزاغ الله قلوبهم بفسقهم ، فليحذروا أن يشابهوهم ، وانّ هذا الرسول هو أحمد الذي بشّر به عيسى عليهالسلام وهو الذي أرسل رسوله هذا بالهدى ودين الحق ، فهو متمّم لنوره هذا ومظهر لدينه على الدين كلّه ولو كره المشركون والكافرون ، فليحذروا أن يحاولوا اطفاء هذا النور بأفواههم وتفوّهاتهم ، وعليهم أن يؤمنوا بالله ورسوله ويجاهدوا في سبيله ، وأن يكونوا أنصار الله ورسوله (٢).
فكأنّ المؤمنين بالمعنى العام لم يلتزموا فعلا بمقتضى ايمانهم برسالته صلىاللهعليهوآله ، فاقتضى هذا التذكير بمقتضى الايمان به وبمقام النبوّة والرسالة. وهذا يناسب الحوادث التي اشير إليها في آيات سورة التحريم السابقة.
سورة الجمعة :
والسورة التالية في النزول حسب الخبر المعتمد (٣) سورة الجمعة. وقد مرّ الخبر عن بداية صلاة الجمعة من الأنصار الأوائل في المدينة قبل الهجرة بإذن منه صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) البرهان ١ : ١٩٣ ، ١٩٤.
(٢) وانظر الميزان ١٩ : ٢٤٨ ـ ٢٥٠.
(٣) التمهيد ١ : ١٠٧.