حتى قال موسى : (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) وقد سمع المسلمون من نبيّهم أنّ عليّا منه بمنزلة هارون من موسى ، وهو اليوم يأمرهم أن يدخلوا في ولايته ، فمن الممكن للتاريخ أن يتكرّر ويقولوا كما قال قوم موسى له : (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً) وكأن هذا هو مناسبة التذكير بذلك هنا.
نبأ ابني آدم :
وفي الآية (٢٧) قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ...) الى آخر الآية (٣١) من دون إشارة الى باعث تقديمهما القربان المنتهي الى قتل قابيل لهابيل.
وهنا روى العياشي في تفسيره عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليهالسلام : جعلت فداك إنّهم يزعمون أنّ قابيل انما قتل هابيل لأنّهما تغايرا على أختهما؟ فقال لي الصادق عليهالسلام : يا سليمان ، تقول بهذا؟! أما تستحي أن تروي هذا على نبي الله آدم؟! فقلت : جعلت فداك ، ففيم قتل قابيل هابيل؟ فقال لي : يا سليمان ، إنّ الله تبارك وتعالى أوحى الى آدم أن يدفع الوصيّة واسم الله الأعظم الى هابيل. فبلغ ذلك قابيل وكان أكبر من هابيل فغضب وقال : أنا أكبر منه فأنا أولى بكرامة الوصية! فأمرهما بوحي الله إليه أن يقرّبا قربانا ، ففعلا ، فقبل الله قربان هابيل ، فحسده قابيل فقتله (١).
فكأنّ الآيات تريد التذكير بعاقبة الحسد على أمر الله بالوصية الإلهية من الأنبياء والمرسلين الى أوصيائهم من بعدهم ، وتلك هي مناسبة نزولها هنا في موقعة الغدير.
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٣١٢ ح ٨٣.