الأحكام الشرعية كخصوصيّات متعلّقات الأحكام ، مما ينتج الاصرار في المداقة فيها التشديد ونزول التحريج كلما أمعن في السؤال ، كما في قصّة بقرة بني إسرائيل (١).
وعليه فأوفق أخبار أسباب النزول انطباقا على الآية خبر علي عليهالسلام عن خطبة النبي صلىاللهعليهوآله في الحج وسؤال سراقة أو عكّاشة ، والغريب أن الطباطبائي لم يذكره.
الجزية من أهل الكتاب دون الأعراب :
وفي الآية (١٠٥) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) روى الواحدي عن الكلبي عن ابن عباس قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قد كتب الى المنذر بن ساوى على أهل هجر يدعوهم الى الاسلام ، وكان قد كتب إليه : أما العرب فلا تقبل منهم إلّا الإسلام أو السيف ، وأما أهل الكتاب والمجوس فاقبل منهم الجزية.
فلما قرأ المنذر عليهم إنذار رسول الله أسلم العرب ، وأعطى أهل الكتاب والمجوس الجزية. فقال منافقو العرب : عجبا من محمد يزعم أنّ الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلّا من أهل الكتاب ، ونراه يقبل من مشركي أهل هجر ما لم يقبله من مشركي العرب! فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ ...) من أهل الكتاب (إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) أنتم (٢).
__________________
(١) الميزان ٦ : ١٥٣ ، إذ يرجع مفاد الآية الى قولنا : لا تسألوا عن أشياء عفا الله وسكت عنها ، وإن تسألوا عنها حين ينزّل القرآن تبد لكم ، وإن تبد لكم تسؤكم. وانظر الميزان ٦ : ١٥٤.
(٢) أسباب النزول للواحدي : ١٧٢.