واختاروا على غيره وعرفوا بعقولهم مع هدى الله اياهم أنهم كانوا في ضلال مبين. فما أعرف أحداً بقى غيرك في هذه الخرجة! وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه تطؤك الخيول وتبيد خضراؤك ، فأسلم تسلم ويستعملك على قومك ، ولا تدخل عليك الخيل والرجال!
قال : دعني يومي هذا وارجع إليّ غداً.
قال عمرو : فلما كان الغد أتيت إليه ، فأبى أن يأذن لي! فرجعت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه ، فأوصلني إليه ، فقال لي : فكّرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف العرب إن ملّكت رجلاً ما في يدي وهو لا تبلغه خيله هاهنا! وإن بلغت ألفت قتالاً ليس كقتال من لاقى!
ثمّ أصبح فأرسل إليّ وأجاب إلى الاسلام هو وأخوه جميعاً ، وأسلم معهما خلق كثير ، وخلّيا بيني وبين الحكم فيهم بالصدقة (الزكاة) وكان عوناً على من خالف (١).
تنبؤ الأسود العنسي :
واسمه : عبهلة بن كعب العنسي المذحجي ، ولسواده غلب عليه اسم الأسود ، ولذلك كان يختمر بخمرة ويعتمّ عليها أبدا فلذا سمّي أيضا ذا الخمار ، أو ذا الحمار ؛ لأنّه كان له حمار علّمه يقول له : ابرك ، فيبرك ، ويقول له : اسجد لربّك ، فيسجد! وسمّى نفسه : رحمان اليمن (١).
خرج بعد حجة الوداع أي بعد خروج علي عليهالسلام من اليمن الى الحج ، وبعد وفاة بادان الحاكم الفارسيّ على اليمن. وكان كاهنا شعواذا يريهم الأعاجيب ويسبي قلب من سمعه! ولد في كهف خبّان ونشأ بها وفيها داره ، واعده أهل نجران ، وكاتبه قومه من مذحج ، فكانت أول ردّة عن الإسلام في اليمن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله مع
__________________
(١) مكاتيب الرسول ٢ : ٣٧١ ، ٣٧٢ وتمامه : وتوفي النبيّ وعمرو بعمان.
(٢) فتوح البلدان : ١٣ ـ ١١٥.