وقال لهما : انهم سيقبلون كتابي ويصدّقوني ، ويسألكم ابن جُلندى : هل بعث رسول الله معكم بهدية؟ فقولوا : لا ، فسيقول : لو كان رسول الله بعث معكم بهدية لكانت مثل المائدة التي نزلت على بني اسرائيل وعلى المسيح (١).
فخرج عمرو حتى انتهى إلى عمان ، فروى ابن سعد عنه قال : وكان عبد أحلم الرجلين وأسهلها خلقاً (وأصغرهما) فعمدت إليه وقلت له : إني رسول رسول الله إليك وإلى أخيك بهذا الكتاب. فقال : وما تدعوا إليه؟ قلت : ادعوك إلى الله وحده وتخلع ما عُبد من دونه ، وتشهد أن محمداً عبده ورسوله. فقال : ومتى تبعته؟ قلت : قريباً. قال : فأخبرني ما يأمر به وينهى عنه؟ قلت : يأمر بطاعة الله عزّ وجلّ وينهى عن معصيته ، يأمر بالبر وصلة الرحم وينهى عن الظلم والعدوان ، وعن الزنا وشرب الخمر ، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب.
فقال : ما أحسن هذا الذي يدعوا اليه ، لو كان أخي يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدّق به ، ولكن أخي أظنّ بملكه من أن يدعه ويصير ذنباً! فقلت : إنه إن أسلم ملّكه رسول الله على قومه (وليس عمرواً) ويأخذ الصدقة من غنيّهم ويردّها على فقيرهم. قال ك وما الصدقة؟ قال : فأخبرته بما فرض رسول الله من الصدقات في الاموال ، فلما ذكرت المواشي ، قال : يا عمرو ، ويؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى في الشجر وترد المياه؟! قلت : نعم. قال : والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا! وأخي مقدم عليَّ بالسنّ والملك وأنا اوصلك إليه حتى يقرأ كتابك.
قال عمرو : فمکثت أياماً بباب جيفر حتى دعاني فدخلت وذهبت لأجلس فأبوا أن يدعوني وقال : تكلّم بحاجتك. فدفعت إليه الكتاب ففضَّ خاتمه وقرأه ثمّ دفعه إلى أخيه فقرأه ، ثمّ قال : ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟ قلت : تبعوه إما راغب في الدين أو راهب مقهور بالسيف! قال : ومن معه؟ قلت : ناسٌ قد رغبوا في الاسلام
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ١٥٥.