القسامة ، والدّية من بيت المال :
وكأنّ المدينة أصابتها مجاعة في أواخر السنة السابعة بعد فتح خيبر وقبل عمرة القضاء (١).
فروى الواقدي بسنده عن محيّصة بن مسعود الأنصاري قال : لما فتح رسول الله خيبر جهدنا وأصابتنا مجاعة ، فقلت لأصحابي : قد جهدنا وأصابتنا مجاعة فهل لكم في خيبر؟ وكان رسول الله قد دفع إليهم زرع الأرض والنخل على النصف (فخرجنا نمتار تمرا (٢)).
فخرجنا حتى قدمنا خيبر ، فكنّا في الشّق يوما ، وفي النّطاة يوما ، وفي الكتيبة ، ورأينا في الكتيبة خيرا فأقمنا بها أياما ، ورجع صاحبي (وابن عمّي عبد الله بن سهل) إلى الشّق فغاب عنّي. فغدوت في أثره حتى انتهيت إلى الشّق أسأل عنه ، فقال لي بعضهم : لما غابت الشمس مرّ من هنا يريد النّطاة. فعمدت إلى النّطاة أسأل عنه ، إلى أن قال لي غلام منهم : تعال أدلّك على صاحبك! فانتهى بي إلى منهر فأقامني عليه فإذا الذّباب يطلع من المنهر! فتدلّيت في المنهر فإذا صاحبي قتيل ؛ فاستعنت عليه بنفر من اليهود حتى اخرجته وكفّنته ودفنته. ثم خرجت مسرعا إلى المدينة ، فوجدنا رسول الله يريد عمرة القضية.
فأخبرت قومي الخبر .. وكان المقتول عبد الله بن سهل ، وكان أخو المقتول عبد الرحمن بن سهل أحدث مني رقيقا مستعبرا على أخيه ، وخرج من قومنا إلى النبي صلىاللهعليهوآله ثلاثون رجلا أكبرنا أخي حويّصة بن مسعود. فلما بركنا بين يديه وجلسنا حوله ، تقدم عبد الرحمن بن سهل وقال : يا رسول الله ، إنّ أخي قد قتل ..
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٧١٤.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٣ : ٣٦٩ ونمتار : نأخذ الميرة : المئونة.