وروى ابن اسحاق عن عروة قال : لما دنو من المدينة تلقاهم المسلمون ورسول الله مقبل معهم على دابة .. وجعل الناس يحثون التراب على الجيش ويقولون : يا فرّار! فررتم في سبيل الله! فيقول رسول الله : ليسوا بالفرّار ، ولكنهم الكرّار إن شاء الله (١).
وروى الواقدي قال : لقي أهل المدينة أصحاب مؤتة بالشرّ ، حتى إن الرجل يأتي إلى بيته وأهله فيدق عليهم الباب فيأبون أن يفتحوا له ويقولون : ألا تقدّمت مع أصحابك؟! فأمّا من كان كبيرا من أصحاب رسول الله فانه جلس في بيته استحياء ، حتى جعل النبيّ يرسل إليهم رجلا رجلا ، ويقول لهم : انتم الكرّار في سبيل الله.
وكان من جيش مؤتة سلمة بن هشام المخزومي ابن أمّ سلمة زوج النبيّ ، فدخل داره ولم يخرج منها ، ودخلت امرأته على أمّ سلمة فقالت لها أمّ سلمة : ما لي لا أرى سلمة بن هشام أيشتكي شيئا؟ فقالت امرأته : لا والله ولكنه لا يستطيع الخروج ، فانه إذا خرج صاحوا به وبأصحابه : يا فرّار! أفررتم في سبيل الله؟! فلذلك قعد في البيت. فذكرت أمّ سلمة ذلك لرسول الله ، فقال رسول الله : بل هم الكرّار في سبيل الله ، فليخرج! فخرج (٢).
شهداء مؤتة :
وقتل بمؤتة ما عدا الثلاثة : جعفر (٣) وزيد وعبد الله بن رواحة الخزرجي : من
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٤ وعنه في إعلام الورى ١ : ٢١٥.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٧٦٥ وابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٤ ، ٢٥ بدون الذيل.
(٣) نقل الاصفهاني في مقاتل الطالبيين : ٨ عن علي بن عبد الله بن جعفر : أن جعفر