حيرة الأنصار ثم خيرتهم :
روى الكليني في «الكافي» بسنده عن زرارة عن الباقر عليهالسلام قال : غضبت الأنصار (لتوزيع الأموال) فاجتمعوا إلى سعد بن عبادة. فانطلق بهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله ، أتأذن لي بالكلام! قال : نعم. قال : إن كان هذا الأمر في هذه الأموال التي قسّمت بين قومك شيئا أنزله الله وأمرك به رضينا ، وإن كان غير ذلك لم نرض! فقال لهم رسول الله : يا معشر الأنصار ، أكلّكم على مثل قول سيّدكم سعد؟! فقالوا : سيّدنا الله ورسوله. فأعادها عليهم ثلاث مرّات كل ذلك يقولون : سيّدنا الله ورسوله ، ثم قالوا : (نعم) نحن على مثل قوله ورأيه (١).
فقال لهم : اجلسوا ، ولا يقعد معكم أحد من غيركم. فتنادوا فيما بينهم ، فلما قعدوا جاءهم النبيّ ومعه علي عليهالسلام حتى جلس وسطهم فقال لهم : إنّي سائلكم عن أمر فأجيبوني عنه. فقالوا : قل ، يا رسول الله. فقال لهم : ألستم كنتم ضالّين فهداكم الله بي؟! قالوا : بلى ، فلله المنّة ولرسوله. فقال : ألم تكونوا على شفا حفرة من النار فانقذكم الله بي؟! قالوا : بلى ، فلله المنّة ولرسوله. قال : ألم تكونوا قليلا فكثّركم الله بي؟! قالوا : بلى ، فلله المنّة ولرسوله. قال : ألم تكونوا أعداء فألّف بين قلوبكم بي؟! قالوا : بلى ، فلله المنّة ولرسوله.
ثم سكت النبي صلىاللهعليهوآله هنيهة ثم قال لهم : ألا تجيبوني بما عندكم؟! قالوا : قد أجبناك بأنّ لك الفضل والمنّ والطول علينا ، فبم نجيبك فداك آباؤنا وامّهاتنا! فقال : أما لو شئتم لقلتم : وأنت قد كنت جئتنا طريدا فآويناك! وجئتنا خائفا فآمنّاك! وجئتنا مكذّبا فصدّقناك!
__________________
(١) اصول الكافي ٢ : ٤١١ وتفسير العياشي ٢ : ٩١ ، ٩٢.