وجعل الباب خلف ظهره حتى كان بينه وبين الجدار قدر ثلاث أذرع (١) وصلى ركعتين. ثم خرج إلى الناس وقد اجتمعوا له.
خطبة الفتح ، والعفو العام :
فروى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام قال : ثم أخذ رسول الله بعضادتي باب الكعبة فقال : «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده. ما ذا تقولون؟ وما ذا تظنّون؟ فقالوا : نقول خيرا ونظن خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت. فقال صلىاللهعليهوآله : فانّي أقول كما قال أخي يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(٢) ألا إن الله قد حرّم مكة يوم خلق السموات والأرض ، فهي حرام بحرامه إلى يوم القيامة : لا ينفّر صيدها ، ولا يعضد شجرها ، ولا يختلى خلاها (٣) ولا تحل لقطتها إلّا لمنشد. فقال العباس : يا رسول الله إلّا الإذخر (٤) فانه للقبر وللبيوت. فقال رسول الله : إلّا الإذخر (٥).
أيها الناس ، ليبلّغ الشاهد الغائب : أنّ الله تبارك وتعالى قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية والتفاخر بآبائها وعشائرها.
أيها الناس ، انّكم من آدم وآدم من طين.
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٤ : ٥٦. والغريب : أن الواقدي روى أن النبيّ بعث من البطحاء عمر بن الخطاب مع عثمان بن طلحة وأمره أن يتقدم فيفتح البيت فلا يدع فيه صورة إلّا محاها إلّا صورة إبراهيم! وعن الزهري : امسحوا ما فيها من الصور إلّا صورة إبراهيم!
(٢) يوسف : ٩٢.
(٣) يعضد : يقطع. الخلا : النبات الرطب. اختلى : اقتطع.
(٤) الإذخر : نبات طيّب الرائحة.
(٥) فروع الكافي ١ : ١٢٦.