أما الخبر في الارشاد :
وأفاد المفيد في «الارشاد» : أنّه عليه وآله السلام لما تحقّق من دنوّ أجله جعل يقوم مقاما بعد مقام في المسلمين يحذّرهم من الفتنة بعده والخلاف عليه ، ويؤكّد وصايتهم بالتمسك بسنّته والاجتماع عليها والوفاق ، ويحثّهم على الاقتداء بعترته والطاعة لهم والنصرة والحراسة والاعتصام بهم في الدين ، ويزجرهم عن الخلاف والارتداد.
فكان فيما ذكره من ذلك ـ عليه وآله السلام ـ ما جاءت به الرواة على اتفاق واجتماع من قوله : «أيها الناس إني فرطكم ، وأنتم واردون علي الحوض ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، فانّ اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقياني ، سألت ربّي ذلك فأعطانيه. ألا وإنّي قد تركتهما فيكم : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتفرّقوا ، ولا تقصّروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم.
أيها الناس ، لا الفينكم بعدي ترجعون كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض ... ألا وإنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيّي يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله».
ثم إنه عقد لاسامة بن زيد بن حارثة الإمرة ، وندبه أن يخرج ... الى حيث اصيب أبوه من بلاد الروم ، واجتمع رأيه على إخراج جماعة من متقدمي المهاجرين والأنصار في معسكره ، حتى لا يبقى في المدينة عند وفاته من يختلف في الرئاسة ويطمع في التقدّم على الناس بالإمارة ، ويستتبّ الأمر لمن استخلفه من بعده ولا ينازعه في حقه منازع ، فعقد له الإمرة على من ذكرناه وجدّ في إخراجهم ، وأمر اسامة بالخروج من المدينة الى الجرف ، وحث الناس على الخروج إليه