أبو سفيان ينادي بالأمان :
روى الواقدي : أن العباس قال لأبي سفيان : فانج ويحك فأدرك قومك قبل أن يدخل عليهم! فخرج أبو سفيان فتقدّم الناس كلهم حتى دخل من قبل جبل كداء (بأعلى مكة) وقدر رفع النداء (١) صارخا بأعلى صوته : يا معشر قريش! هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به! فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن! (٢) ومن أغلق بابه فهو آمن! حتى انتهى إلى هند بنت عتبة المخزومية ، فأخذت برأسه فقالت : ما وراءك؟ قال : هذا محمد في عشرة آلاف ، عليهم الحديد! وقد جعل لي : من دخل داري فهو آمن ، ومن طرح السلاح فهو آمن! فقالت : قبّحك الله رسول قوم! (٣) وأخذت بشاربه تقول : اقتلوا هذا الزقّ الدّسم السّمين ، قبّح من طليعة قوم! فقال أبو سفيان : ويلكم ، لا تغرنّكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن! فقالوا له : قاتلك الله! وما تغني عنّا دارك؟ فقال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن (٤) ويلكم رأيت ما لم تروا! رأيت الرجال والسلاح والكراع ، فلا لأحد بهذا طاقة (٥).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨٢٢.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٤٧.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٨٢٢ ، ٨٢٣.
(٤) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٤٧.
(٥) مغازي الواقدي ٢ : ٨٢٣. وروى المعتزلي عن المفاخرات للزبير بن بكار عن الحسن بن علي عليه السلام في مجلس معاوية قال له : أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أربيك لما همّ أن يسلم تنهاه عن ذلك :
يا صخر لا تسلمنّ يوماً فتفضحنا |
|
بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا |
خالي وعمي وعمّ الاُم ثالثهم |
|
وحنظل الخير قد أهدى لنا أرقا |
لا تركننّ إلى أمر تكلّفنا |
|
ـ والراقصات ـ به في مكة الخُرقا |
فالموت أهون من قول العداة لقد |
|
حاد ابن حرب عن العزى اذاً فرقا |