ولكنّ قيسا سفّه رأي الزبيدي وأبى عليه ذلك. فركب عمرو ومعه جمع من قومه حتى قدموا على رسول الله (١) لما عاد من تبوك (٢). فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : يا عمرو أسلم يؤمنك الله من الفزع الأكبر! فقال : يا محمد ، وما الفزع الأكبر ، فانّي لا أفزع؟! فقال له : يا عمرو ، انه ليس مما تحسب وتظن ، انّ الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميّت إلّا نشر ، ولا حيّ إلّا مات ، إلّا ما شاء الله. ثم يصاح بهم صيحة اخرى ، فينشر من مات ويصفّون جميعا ، وتنشق السماء وتهدّ الأرض وتخرّ الجبال ، وتزفر النيران وترمى بمثل الجبال شررا ، فلا يبقى ذو روح إلّا انخلع قلبه وذكر ذنبه وشغل بنفسه إلّا ما شاء الله. فأين أنت يا عمرو عن هذا؟! فقال : ألا إنّي أسمع أمرا عظيما! ثم آمن وآمن من معه من قومه ورجعوا الى قومهم.
وأبصر عمرو قاتل أبيه ابيّ بن عثعث الخثعمي فأخذه وجاء به الى النبي صلىاللهعليهوآله وقال له : أعدني (أشكني : اقبل شكواي) على هذا العاجر (٣) الذي قتل والدي.
فقال صلىاللهعليهوآله : يا عمرو ، أهدر الإسلام ما كان في الجاهلية. فانصرف عمرو ، ولكنّه ارتدّ عن الإسلام وأغار على قوم ومضى الى قومه.
البعثة الاولى لعلي عليهالسلام الى اليمن :
فلما بلغ ذلك النبي استدعى عليا عليهالسلام فأمره على جمع من المهاجرين فيهم خالد بن سعيد بن العاص الاموي وأنفذهم الى بني زبيد.
وكان بنو زبيد قد تحالفوا مع بني جعفي ولذلك أرسل النبي خالد بن الوليد في طائفة من الأعراب ـ ومعه بريدة وعمرو بن شاس الأسلميان وأبو موسى
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٣٠.
(٢) كذا في الارشاد ١ : ١٥٨ واستظهرنا أن ذلك كان قبله.
(٣) عاجر إذا مرّ مرّا سريعا من خوف ونحوه (لسان العرب).