ثم أمر فاطمة فسكبت له غسلا (١) فأفاض على نفسه الماء من جفنة يرى فيها أثر العجين ، ثم تحرى القبلة ، والوقت ضحى ، فصلى ثمان ركعات ، لم يركعها رسول الله قبل ذلك ولا بعده (٢).
نزول الرسول إلى بيت الله :
قالوا : اغتسل رسول الله صلىاللهعليهوآله واطمأنّ في منزله ساعة من النهار ، وقد صفّ له الناس ، وخيل المسلمين تموج بين الحجون إلى الخندمة ، ثم دعا براحلته القصواء ، ولبس مغفره على رأسه ولبس سلاحه ثم ركب راحلته ومحمد بن مسلمة آخذ بزمامها .. والمشركون ينظرون إليه من فوق الجبال. فمرّ رسول الله حتى انتهى إلى الكعبة براحلته ، فاستلم الركن بمحجنه (٣) وكبّر ، فكبّر المسلمون وردّدوا التكبير حتى ارتجّت مكة بتكبيرهم حتى جعل رسول الله يشير إليهم أن يسكتوا.
وكان حول الكعبة ثلاثمائة صنم ، وستون صنما مرصّصة بالرصاص ، أعظمها هبل وجاه باب الكعبة. وبدأ رسول الله طوافه بالبيت على راحلته وبيده قضيب يشير به إلى كل صنم يمرّ به ويقول : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(٤) ، ما يزيد رسول الله على أن يشير بالقضيب إلى الصنم (٥) فما أشار إلى
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨٣٠.
(٢) فروع الكافي ١ : ١٢٥ ، ١٢٦ وكذلك في الواقدي ٢ : ٨٣٠ وفي ٨٦٨ كانت أم هانئ تحدث تقول : ما رأيت أحدا أحسن ثغرا من رسول الله وقد ضفر رأسه بأربع ضفائر.
(٣) المحجن : عود معوّج الطرف.
(٤) سورة الإسراء : ٨١.
(٥) مغازي الواقدي ٢ : ٨٣١ ، ٨٣٢.