بدء حصار الطائف :
قال : ومضى رسول الله حتى نزل قريبا من حصن الطائف ، فلما حلّ جاءه الحباب بن المنذر فقال له : يا رسول الله ، إنّا قد دنونا من الحصن ، فان كان عن أمر سلّمنا ، وإن كان عن الرأي فالتأخر عن حصنهم؟ فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فروى عن عمرو بن أميّة الضّمري قال : لما نزلنا جاءنا من نبلهم شيء كأنه جراد كثير حتى اصيب عدد من المسلمين بجراحات. فحينئذ دعا رسول الله الحباب بن المنذر فقال له : انظر لنا مكانا مرتفعا مستأخرا عن القوم. فخرج الحباب حتى انتهى إلى موضع مسجد الطائف (اليوم) فارتضاه ، فرجع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فأخبره. فأمر رسول الله أصحابه أن يتحوّلوا إليه. ونزل رسول الله على الأكمة ، ومعه امرأتان من نسائه أمّ سلمة وزينب. وثار المسلمون إلى الحصن ، وخرج أمامهم يزيد بن زمعة بن الأسود وسألهم الأمان ليكلمهم ، فأعطوه الأمان ، فلما دنا من حصنهم رموه بالنبل فقتلوه!
فيقال : كمن لهم يعقوب بن زمعة أخو المقتول ، وخرج من باب الحصن هذيل بن أبي الصلت ، فأسره يعقوب وأتى به النبيّ فقال له : هذا قاتل أخي يا رسول الله ، فأمكنه النبيّ منه فضرب عنقه بأخيه.
مشورة سلمان بالمنجنيق :
قال : وشاور رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه ، فقال سلمان الفارسي : يا رسول الله ، أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم ، فإنّا كنّا بأرض فارس ننصب المنجنيقات على الحصون ، وتنصب علينا ، فنصيب من عدوّنا ، ويصيب منّا ، وإن لم يكن المنجنيق طالت الإقامة. فأمره رسول الله أن يصنعه ، فعمل بيده منجنيقا ونصبه باتجاه حصن الطائف (١).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٩٢٤ ـ ٩٢٧ وعنه في إعلام الورى ١ : ٢٣٤. ولم يسلم بعضهم