الطائف ، فسار من أوطاس على نخلة اليمانية ، ثم على قرن (١) ثم على المليح ، ثم على بحرة الرّغاء من وادي ليّة ، وبها بنى مسجدا بيده وأصحابه ينقلون إليه الحجارة ، فصلى فيه الظهر. وأتاه رجال من هذيل برجل من بني ليث قتل رجلا من هذيل ، فاختصموا عنده ، فدفعه رسول الله إليهم فقدّموه فضربوا عنقه (٢).
وصلى رسول الله العصر ، ورأى قصرا فسأل عنه فقالوا : هو قصر مالك بن عوف. فقال : أين هو؟ قالوا : هو الآن في حصن ثقيف. فقال : من في قصره؟ قالوا : ما فيه أحد. فقال : حرّقوه! فحرّق من حين العصر إلى أن غابت الشمس.
وكان هناك قبر مشرف لسعيد بن العاص الاموي ، وابناه : أبان وعمرو مع رسول الله ، فلما نظر أبو بكر إلى قبره قال : لعن الله صاحب هذا القبر فانه كان يحادّ الله ورسوله! وسمعه ابناه عمرو وأبان فقالا لعن الله أبا قحافة فانه كان لا يمنع الضيم ولا يقري الضيف فقال رسول الله : إن سبّ الأموات يؤذي الأحياء ، فإن شئتم المشركين فعمّوا. ثمّ مضى رسول الله من ليّة على طريق الضّيقة ، فقال رسول الله : بل هي اليسرى! ثم خرج على وادي النخب عند حائط رجل من ثقيف ، أبى أن يخرج إلى رسول الله ، فأرسل إليه النبيّ صلىاللهعليهوآله : إما أن تخرج وإما أن نحرق عليك حائطك! فأبى أن يخرج ، فأمر رسول الله بإحراق حائطه وما فيه (٣).
__________________
(١) قرية في طريق الطائف بينها وبين مكة خمسون ميلا (٨٠ كم تقريبا) معجم البلدان ٧ : ٦٤.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٩٢٤ وعند ابن اسحاق في السيرة مثله ٤ : ١٢٥ وقالا : فكان أول دم اقيد به في الإسلام. هذا وقد ذكر الواقدي مثله في قصاص جثّامة قبله في حنين ، بل وقبله جرى من موارد القصاص أكثر من واحد ، وانما يحمل مثل هذا على مبلغ علم الراوي إلّا الاستقصاء ، كما مرّ قبل قليل.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٩٢٥ وعند ابن اسحاق في السيرة مثله ٤ : ١٢٥ إلّا أنه قال : فأمر بإخرابه ، لا إحراقه. وليس فيها خبر لعن أبي بكر لسعيد ولعن ابنيه له بالمثل.