وما سألته إلّا ليشبعني ، فمرّ ولم يفعل. ثم مرّ بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله وما سألته إلّا ليشبعني ، فلم يفعل (١) .. فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي من الجهد والجوع (٢) .. ولقد رأيتني وإنّي لأخرّ فيما بين منبر رسول الله إلى حجرة عائشة مغشيّا عليّ ، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى أنّي مجنون ، وما بي إلّا الجوع! (٣) وقال : (وإنّما) كنت استقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني. وكان أخير الناس للمسلمين جعفر بن أبي طالب ، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته (٤) ولهذا فهو يقول فيه : ما وطئ التراب ولا احتذى النعال ولا ركب المطايا (أحد) بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبي طالب (٥)
ولا نجد كهذا وصفا لأصحاب الصفّة إلّا ما عن واثلة بن الأسقع قال : كنت من أصحاب الصفّة وما منّا إنسان يجد ثوبا تامّا ، قد جعل الغبار والعرق في جلودنا طرقا! (٦).
في دار النبيّ بعد خيبر :
بعد رجوع النبيّ صلىاللهعليهوآله من خيبر ، ومعه جعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس ، دخلت أسماء على حفصة بنت عمر بن الخطّاب تزورها ، فدخل على حفص
__________________
(١) فتح الباري ١١ : ٢٣٦ و ٢٣٧.
(٢) فتح الباري ٩ : ٤٢٨.
(٣) فتح الباري ١٣ : ٢٥٩ ، ٢٦٠.
(٤) فتح الباري ٧ : ٦١ و ٦٢.
(٥) سير أعلام النبلاء ١ : ١٥٨ عن الترمذي والنسائي.
(٦) أنساب الأشراف ١ : ١٧٢. وانظر التفاصيل في أبي هريرة شيخ المضيرة لأبي ريّة : ٣٧ فما بعد ط ٣.