وطلع الفجر ، فصعد على غرفة له فأذّن بالصلاة! فرماه أوس بن عوف من بني مالك ، أو وهب بن جابر من الأحلاف ، فأصاب أكحله (عرق يده) فلم ينقطع دمه ، ورأى قومه أعدوا أسلحتهم لينتقموا له فيأخذوا بثاره فقال لهم : لا تقتتلوا فيّ ، فانّي قد تصدّقت بدمي على صاحبه ليصلح بذلك بينكم ، فهي كرامة الله أكرمني الله بها : الشهادة ساقها الله إليّ ، وأشهد أنّ محمدا رسول الله فإنّه أخبرني بهذا عنكم : أنكم تقتلونني! وادفنوني مع الشهداء الذين قتلوا معه قبل أن يرتحل عنكم. ثم مات رحمهالله.
فقال لهم ابنه أبو مويلح ابن عروة : لا اجامعكم على شيء أبدا وقد قتلتم عروة! وتابعه ابن عمّه قارب بن الأسود بن مسعود (وهو قائد الأحلاف من ثقيف في يوم حنين) وعملا بوصيّة عروة فدفنوه مع الشهداء. ثم لحقا بالمدينة فأسلما لدى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما علم النبيّ بمقتل عروة قال : مثل عروة مثل أصحاب ياسين (في سورة يس) دعا قومه إلى الله فقتلوه! ثم نزلا على المغيرة بن شعبة الثقفي (١).
ووفاة ابنته زينب :
وهي زوجة ابن خالتها أبي العاص بن الربيع الاموي ، ولها منه عليّ وأمامة (٢) وكانت حاملا وهاجرت فطعن محملها هبار بن الأسود فطرحت ، وأسلم زوجها أبو العاص فعادت إليه ، ولم تحمل منه لعلّتها بعد إسقاطها ، وخرج زوجها معه صلىاللهعليهوآله إلى مكة ثم حنين ، وكان مع علي عليهالسلام في سريّته إلى خثعم في ضواحي الطائف
__________________
(١) حتى أسلم أهلهم في الطائف فرجعوا معهم. مغازي الواقدي ٢ : ٩٦٠ ـ ٩٦٢.
(٢) فأما علي فمات في ولاية عمر ، وأما أمامة فهي التي أوصت فاطمة عليا عليهماالسلام أن يتزوّجها بعدها ، فتزوّجها بعدها بخمسين يوما ، وماتت سنة خمسين. بحار الأنوار ٢١ : ١٨٣ ، ١٨٤ عن الباب الثامن من المنتقى للكازروني.