تقف على جبل كذا فلا تنزلنّ (من على ظهر جوادك) إلّا مصلّيا أو قاضي حاجة ، ولا تغرنّ من خلفك! (١).
قالوا : وكان انتهاء رسول الله إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء لعشر ليال خلون من شوّال (٢).
عيون الطرفين :
وعرف ابن عوف بوصول المسلمين إلى حنين ، فاختار من عسكره ثلاثة نفر وأمرهم أن يتفرّقوا في عسكر محمد وأصحابه وينظرون إليه وإليهم. فمضوا ، ورجعوا وإنّ أفئدتهم تخفق ، فقال لهم : ويلكم ما شأنكم؟ فقالوا له : ما نقاتل أهل الأرض إن نقاتل إلّا أهل السموات ، فقد رأينا رجالا بيضا على خيل بلق ، فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى! وان أطعتنا رجعت بقومك ، فانّ الناس إن رأوا مثل ما رأينا أصابهم مثل الذي أصابنا. فقال لهم : افّ لكم ، بل أنتم أجبن أهل العسكر! ثم خاف أن يشيع ذلك الخوف في العسكر فحبسهم عنده.
ثم قال : دلّوني على رجل شجاع! فاتّفقوا على رجل ، فبعثه إليهم ، فخرج ، ثم رجع إليه وقد أصابه ما أصاب من قبله منهم ، فقال له : ما رأيت؟ قال : رأيت رجالا بيضا على بلق ما يطاق النظر إليهم ، فو الله ما تماسكت أن أصابني ما ترى! (٢).
وبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عبد الله بن أبي حدرد عينا له عليهم فخرج حتى وصل إلى معسكر ابن عوف فسمعه يقول لهم : يا معشر هوازن! انكم أحدّ العرب وأعدّه! وإن هذا لم يلق قوما يصدقونه القتال ، فإذا لقيتموه فاكسروا جفون
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨٩٤.
(٢) و (٣) مغازي الواقدي ٢ : ٨٩٢.