حدّ المحارب والمفسد :
وفي الآيتين (٣٣ و ٣٤) جاء حدّ المحارب والمفسد وتوبتهما بلا ذكر خبر عن شأن نزولهما هنا في رجوعهم من حجة الوداع.
روى العياشي في تفسيره عن أبي صالح عن الصادق عليهالسلام قال : قدم على رسول الله صلىاللهعليهوآله قوم من بني ضبّة ، فقال لهم رسول الله : أقيموا عندي فإذا قويتم بعثتكم في سريّة. فقالوا : أخرجنا من المدينة. فبعث بهم الى إبل الصدقة يشربون من أبوالها ويأكلون من ألبانها.
وكان في الإبل ثلاثة نفر يحرسونها ، فلما برئ بنو ضبّة واشتدّوا قتلوا الثلاثة وساقوا الإبل الى واد قريب من أرض اليمن. وبلغ ذلك الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فبعث عليهم عليّا عليهالسلام فأخذهم فجاء بهم الى رسول الله ونزلت فيهم : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ...) فاختار رسول الله أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف (١).
وفي الخبر ذكر إبل الصدقة ، وقد مرّ أن أخذ الصدقات كان في التاسعة للهجرة ، والآيتان من المائدة النازلة بعد حجة الوداع ، فيقتضي أنّ ذلك كان بعد رجوعهم الى المدينة في أواخر العاشرة للهجرة ، وأنّ هذه الآيات نزلت بعد فترة فاصلة.
حدّ السارق والسارقة :
وفي الآية (٣٨) جاء حدّ السرقة ، وقد روى السيوطي في «الدر المنثور»
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٣١٤ ح ٩٠ ، وقبله الكليني في فروع الكافي ٧ : ٢٤٥ ح ١ عن الأحمر البجلي ، والطوسي في التبيان ٣ : ٥٠٥ ، عن سعيد بن جبير والسدّي وقتادة عن أنس وعنه في مجمع البيان ٣ : ٢٩١ ، وقد مرّ خبرهم في سرية بني ضبّة ٢ : ٥٩٦ ـ ٥٩٨.