الأصنام في مكة وحواليها :
روى الواقدي عن سعيد بن عمرو الهذلي : أنّه كان يرى في مكة أبا تجراة يعمل الأصنام ويبيعها. وعن جبير بن مطعم قال : كنت أرى الأصنام يطاف بها في مكة ، ولم يكن رجل من قريش بمكة إلّا وفي بيته صنم ، إذا دخل بيته أو خرج تمسّح به تبرّكا ، وكان يشتريها أهل البدو فيخرجون بها إلى بيوتهم.
فلما كان يوم الفتح نادى منادي رسول الله : من كان يؤمن بالله فلا يتركنّ في بيته صنما إلّا كسره أو حرقه ، وثمنه حرام. فجعل المسلمون يكسرونها ، وإذ أسلم عكرمة كان إذا سمع بصنم في بيت من بيوت قريش مشى إليه حتى يكسره. وبثّ السرايا لذلك ، فبعث لهدم صنم مناة بالمشلّل : سعد بن زيد الأشهل ، فهدمه (١). وبعث لهدم صنم سواع ـ وهو لبني هذيل ـ عمرو بن العاص السهمي ، فروى عنه قال : انتهيت إليه وعنده سادنه فقال لي : ما تريد؟ قلت : هدم سواع! فقال : ما لك وله؟ قلت : أمرني رسول الله. قال : لا تقدر على هدمه! قلت : لم؟ قال : يمتنع! فقلت : أنت في الباطل حتى الآن؟! ويحك وهل يسمع أو يبصر؟! ثم دنوت إليه فكسرته ، وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فلم يكن فيه شيء (٢).
قال ابن اسحاق : وكانت العزّى في جبل بموضع نخلة في بيت يعظّمه قريش ومضر وكنانة كلها ، وحجابها وسادنها من بني شيبان من سليم (٣).
__________________
(١) مرّ الخبر عن الكلبي في الأصنام : ١٤ أنّه صلىاللهعليهوآله بعد أن خرج من المدينة بأربع أو خمس ليالي ، بعث عليّا عليهالسلام إلى مناة صنم هذيل وخزاعة فهدمها وأخذ سيفين : المخذم والرّسوب ، كانا أهداهما الحارث الغساني إليها ، فوهبهما النبيّ لعلي عليهالسلام ، وبعثه صلىاللهعليهوآله أيضا إلى القليس صنم طيء فهدمه ، وقيل هنا كانت هدايا الحارث الغساني.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٨٧٠ ، ٨٧١.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٧٩.