ثمّ قال رسول الله : رحم الله قسّا يحشر يوم القيامة أمّة وحده! ثمّ قال لهم : وهل فيكم أحد يحسن من شعره شيئا؟ فقال أحدهم : سمعته يقول :
في الأوّلين الذاهبين من القرون لنا بصائر |
|
لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر |
ورأيت قومي نحوها تمضي الأكابر والأصاغر |
|
لا يرجع الماضي ولا يبقى من الباقين غابر |
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر |
وروى فيه بسنده عن محمد بن السائب الكلبي : أنّه صلىاللهعليهوآله سألهم عن بعض حكم قسّ فحكى له أحدهم من شعره وخطبه قوله :
يا ناعي الموت ، والأموات في جدث |
|
عليهم من بقايا بزّهم خرق |
دعهم فإنّ لهم يوما يصاح بهم |
|
كما ينبّه من نوماته الصعق |
منهم عراة ومنهم في ثيابهم |
|
منها الجديد ومنها الرثّ والخلق |
حتى يعودوا بحال غير حالتهم |
|
خلق جديد وخلق بعدهم خلقوا |
ثم قال : مطر ونبات ، وآباء وامهات ، وذاهب وآت ، وأموات بعد أموات ، وآيات إثر آيات : ضوء وظلام ، وليال وأيام ، وفقير وغني ، وسعيد وشقي ، ومحسن ومسي ، نبأ لأرباب الغفلة ، ليصلحنّ كلّ عامل عمله!
كلّا! بل هو الله واحد ، ليس بمولود ولا والد ، أعاد وأبدا ، وإليه المعاد غدا!
أما بعد ـ يا معشر إياد ـ أين ثمود وعاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ أين الحسن الذي لم يشكر؟ والقبيح الذي لم ينقم؟! كلّا وربّ الكعبة ليعودنّ ما بدأ ، ولئن ذهب يوم ليعودنّ يوم (١).
__________________
(١) كمال الدين : ١٦٦ ـ ١٦٨ ، ط. طهران.